معركة غزة 1948 .. عندما أنقذ الجيش المصري القطاع

((كيف انسحب وأترك ربع مليون من إخواني أهل غزة كالفراخ يذبحهم اليهود وينتهكون أعراضهم .. أتريدني أن أخذهم معي إلي العريش؟ .. أم أدافع عن رفح؟ .. كلا لن أنسحب مهما كانت النتيجة)).

معركة غزة 1948
اللواء أحمد فؤاد صادق رفض التخلي عن غزة ودافع عنها كالأبطال، صورة له وهو يشرح للملك فاروق وضع العمليات القتالية خلال زيارة الأخير للقوات المصرية خلال حرب فلسطين 1948.

كانت تلك كلمات اللواء (أحمد فؤاد صادق) قائد القوات المصرية في قطاع غزة ردا على أمر (محمد حيدر باشا) وزير الحربية المصري بالانسحاب من غزة.

العملية حوريب:

في التوراة، هناك ما يسمي باسم (جبل حوريب) أو (جبل سيناء)، حيث خيم بني إسرائيل عنده لمدة عام عند خروجهم من مصر بقيادة نبي الله موسى-عليه السلام- كما جاء في (سفر الخروج، المزمور 106 : 19).

تيمنا بهذا الاسم، وفي 22 ديسمبر 1948 أطلق الإسرائيليين هجوما كبيرا ضد القوات المصرية في غزة بهدف تدميرها والسيطرة على القطاع.

الاسم ذاته يكشف لنا أن الهدف الإسرائيلي ربما لم يكن مقتصرا على حد السيطرة على غزة، بل ربما أرادوا دخول سيناء نفسها.

كانت الجبهة قد شهدت هدوءا كبيرا خلال النصف الثاني من نوفمبر وحتى انطلاقة (عملية حوريب).

فالإسرائيليين وقتها كانوا قد استعادوا المجدل وبئر سبع ومعظم مناطق صحراء النقب من القوات المصرية نفسها التي كانت في بداية الحرب قد وصلت إلى ضواحي تل أبيب ثم أوقفتها السياسة وقبول الهدنة وعدم دعمها بالأسلحة والذخائر الكافية والمناسبة.

وفي الطريق إلى ذلك كانوا قد دمروا تماما ما يعرف باسم (جيش الإنقاذ) الذي شكلته الجامعة العربية من المتطوعين، والذي حقق نجاحات كبيرة في بداية الحرب أوقفها أيضا ضعف الدعم الموجه إليه.

لكن الإسرائيليين أرادوا زيادة مكاسبهم من الحرب، ونقرأ في كتاب ((الحرب من أجل فلسطين : إعادة كتابة التاريخ)) من تأليف المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم وعدد آخر من المؤرخين الأجانب والعرب، وإصدار جامعة كامبريدج البريطانية، فإن اليهود أدركوا وقتها أن الملك الأردني ((عبد الله)) لن يدعم المصريين فقرروا اغتنام الفرصة.

الجيش المصري
صورة لمجموعة من الجنود الإسرائيليين قبل بدء العملية بوقت قصير، هذه المجموعة بالتحديد كانت ضمن قوات الهجوم الأول، الصورة الأصلية بواسطة أوري شابيرا، CC BY-SA 1.0، via wikimedia commons.

استمرت معركة غزة لمدة 17 يوم حتى السابع من يناير عام 1949، وشهدت قتالا عنيفا خصوصا في مناطق رفح وخان يونس والعريش، قبل أن تنتهي بانسحاب القوات الإسرائيلية.

حيث كانت الخطة الإسرائيلية تقوم على أساس الاندفاع السريع نحو قاعدة الجيش المصري الرئيسية في العريش ومحاصرة أغلب القوات المصرية في القطاع.

كانت معركة غزة هي المعركة الأولى التي يلتقي فيها الإسرائيليين مع اللواء (أحمد فؤاد صادق) بعد قرار حيدر باشا وزير الحربية بعزل اللواء (أحمد علي المواوي)، والذي اشترط قبلها أن تكون له فيها الحرية الكاملة في إدارة القتال بنفسه دون تدخل من القيادة في القاهرة.

وتتجلي كفاءة اللواء أحمد فؤاد صادق، وبسالة رجالة عندما نعلم أن القوات المصرية كانت عبارة عن لواء واحد مكون من 4000 آلاف جندي، في حين كانت القوة الإسرائيلية المهاجمة بقيادة (إيغال آلون) وهو جنرال إسرائيلي شهير تولي رئاسة الوزراء بعد ذلك بشكل مؤقت، كانت خمسة أضعاف (هاجم الإسرائيليين بخمسة ألوية كاملة).

بعد نهاية المعركة:

تقديرا لموقفه البطولي الذي أنقذ به قطاع غزة، وعقب نهاية الحرب، كرم (الملك فاروق الأول) اللواء أحمد فؤاد صادق ومنحه لقب الباشا.

كانت معركة غزة وتكريمه بعدها لدرجة الباشا نوعا من التعويض عما عاني منه أحمد فؤاد صادق الذي كان ضحية لوقوفه بجوار الملك خلال أزمة عام 1942 ضد الإنجليز وقيام حكومة الوفد وعلى رأسها مصطفى النحاس بعزله من الخدمة العسكرية بل وسجنه.

القانون في الخليج
القانون في الخليج
القانون في الخليج هي منصة إلكترونية صنعت خصيصا للتوفير المعلومات القانونية الدقيقة والموثوقة لكافة العاملين بالقانون وحتى الأفراد العاديين في دول الخليج العربي. إذا كنت إستاذا في القانون، قاضيا، محاميا، أو حتى قارئ عادي فستوفر لك القانون في الخليج المعلومة القانونية التي تحتاجها وفورا.
تعليقات