أي شخص يمتلك جهاز تكييف يعرف تماما أنه ينتج عنه قطرات متتالية من الماء في وقت استخدامه، إنه شيء طبيعي وجميع شركات تصنيع أجهزة التكييف تخصص له خرطوما من أجل صرفه، وهناك طرازات يكون بداخلها حاوية لتجميع هذه المياه.
العديد من أجهزة التكييف خارج مبني سكني، كل هذه الأجهزة يمكنها إنتاج كميات جيدة من الماء يوميا، صورة من Mike van Schoonderwalt، via pexels. |
ولابد أن كل من شاهد تلك المياه سأل نفسه، من أين تأتي، وهل يمكن استخدامها والاستفادة منها؟.
نصيحة: قبل قراءة التقرير لابد أن تتأكد من أن:
- خرطوم مياه تكييف الهواء الخاص بك لا يصرف المياه بجوار منزلك، إذ يتسبب ذلك في العديد من الأضرار، أقلها فساد طلاء حوائط المنزل الخارجية، وأكبرها قد يصل لتسريب المياه إلي أساسات المنزل والإضرار بها إلي حد أنه قد يدمرها ويجعل المنزل غير آمن للسكن.
- جهازك يصرف المياه بانتظام، هذه علامة من علامات عمله بشكل كفء، لأن عدم صرف المياه يشير لوجود مشكلة في التبريد أو في نظام صرف المياه الخاص به.
كيف تتكون مياه التكييف؟:
في البداية دعونا نوضح بشكل بسيط من أين تأتي تلك المياه أصلا؟. خصوصا أن التكييف لا يستخدم في عملية تشغيله أي كمية من المياه.
بالمعني الحرفي للكلمة تقوم أجهزة التكييف بسحب المياه من الهواء (بخار الماء على وجه الدقة).
بخار الماء .. إنه لا ينتج فقط عن تسخين المياه لصنع مشروب أو إعداد الطعام، بل هو موجود في الهواء حولنا في كل مكان.
إذ ينتج بخار الماء من عمليات (النتح) التي تقوم بها الأشجار، وحتى تنفس الإنسان والحيوانات ينتج عنه بخار ماء، وتكون ذراته محملة في الهواء الذي يدخل إلي جهاز التكييف لتبريده.
ولكي نفهم كيف يحدث ذلك علينا أولا أن نطلع على بعض الأجزاء التي يتكون منها جهاز التكييف نفسه، بداية من (الفريون).
فبعدما يمر غاز الفريون من خلال (الضاغط) أو الكمبروسر، فإن درجة حرارته ترتفع، ولكي تنخفض مجددا فهو يمر في المرحلة الثانية من عملية تكييف الهواء وهو (المكثف).
يتكون المكثف من أنابيب نحاسية ويمر من خلالها الفريون لكي تنخفض درجة حرارته ويساعده على ذلك المروحة الخارجية للتكييف، وهذا ما يحدث بالفعل لكنها تظل أعلى من المطلوب.
ومن هنا ينتقل الفريون إلي المرحلة الثالثة وهو (صمام التمدد)، ووظيفته أن يمر الفريون من خلال فتحة شديدة الضيق، ما يقلل من ضغطه، ما يقلل من درجة الحرارة مجددا.
ثم نصل معا إلى المرحلة النهائية حيث يوجد داخل أي جهاز تكييف قطعة من الأنابيب النحاسية تسمي (ملف التبخر) حول هذه القطعة الباردة أصلا تتكثف الرطوبة، حيث يتحرك غاز الفريون الذي أصبح باردا هو أيضا، ما يجعله قادر على سحب الحرارة من الهواء الذي يجلبه المكيف من خارج الغرفة وينجح في تبريده.
في خلال ذلك يتحول بخار الماء داخل هذا الهواء إلي قطرات الماء وتتجمع حول ملف التبخر، ثم يتم صرفها إلي الخارج، حيث تراها تسقط من خرطوم التكييف تباعا بواسطة (نظام تصريف) مخصص لهذا الغرض بالذات يعمل على التقاط قطرات المياه من حول الملف وصرفها.
يشبه الأمر تماما عندما تقوم أنت بإحضار زجاجة ماء باردة أو مثلجة، وخصوصا في يوم ترتفع فيه درجة الحرارة لتسريع هذه الملاحظة إذا أردت تجربتها، ستلاحظ بعد وقت قصير أن هناك مياه تتجمع على سطح الزجاجة، وربما لو تركتها بعض الوقت سيتراكم الماء أسفل منها.
بالطبع هذا الماء لم يقفز من داخل الزجاجة، لكن ما حدث أن الزجاجة الباردة أو المثلجة عملت كمصدر تبريد لبخار الماء الموجود حولها، وعندما يصبح أكثر برودة فإنه يتحول من الصورة الغازية إلى السائلة ويترسب على سطح الزجاجة.
كل هذا لأن هناك شئ يسمي (درجة حرارة نقطة الندى)، وهي الدرجة التي يتحول معها بخار الماء الموجود في الهواء إلى سائل.
هذه المياه التي تنتج عن أجهزة التكييف تدخل ضمن تصنيف (المياه الرمادية).
المياه الرمادية هو مصطلح يشمل كل المياه التي تخرج عن أجهزتنا المنزلية (مثل مياه الغسيل أو مياه الاستحمام .. إلخ).
هل يمكننا استخدام مياه التكييف؟:
هذا السؤال مهم جدا .. ليس بالنسبة لك فقط يا عزيزي القارئ بل للبشرية جمعاء.
نحن نعيش على كوكب يزداد فيه طلب البشر على الماء كل يوم، مع زيادة سكان كوكب الأرض وحاجتهم للمياه في كل نواحي الحياة.
كما لعب (تغير المناخ) دوره في تقليل كميات المياه المتاحة لنا أو على الأقل جعل من الصعب التنبؤ بها.
ولذلك فهناك تفكير مستمر من العلماء في البدائل مثل (تحلية مياه البحر) وكذلك أجهزة استخراج المياه من الأجواء الرطبة.. وإن كانت كلها حلول تكلف مبالغ مالية كبيرة .
لذا تبدو أجهزة التكييف حلا سحريا، فهي لا تحتاج لأبحاث جديدة، إنها موجودة بالفعل، كما أنه ومن حيث التكلفة، فهذه المياه لا ندفع شيئا من أجل الحصول عليها، هي منتج ثانوي لعملية التكييف نفسها.
لذا كان من الطبيعي بل وربما من الضرورة أن ننظر إلي المياه التي تخرج من أجهزة التكييف، ونسأل هل من الطبيعي أن ينتهي مصيرها إلي بالوعة الصرف الصحي؟.
الأكثر من ذلك، أن أجهزة التكييف لا تنتج كميات قليلة من الماء.. إذا شغلت جهاز تكييفك طوال اليوم فإنه سينتج ما يزيد قليلا عن 75 لتر يوميا، فقط من جهاز واحد.
-ملحوظة: قد تتفاوت كميات المياه اعتمادا على رطوبة الغرفة التي يعمل بها المكيف، فتبدأ من ٢٣ لتر وقد تصل إلى ٩٠ لتر يوميا-.
هذه كميات مياه كبيرة للغاية تمثل ثروة لا ينبغي التفريط فيها خصوصا في دول تعاني من الجفاف أو شح مصادر المياه أصلا مثل السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت.
هل الماء الذي يخرج من المكيف صالح للشرب؟:
بشكل ما، يبدو أن هناك العديد من الاستخدامات التي تصلح لها مياه التكييف، لكن ليس من ضمنها (شرب البشر) لها.
للأسف الشديد قد تورطت بعض المواقع وقنوات اليوتيوب في هذه الجزئية وقالت أنه صالح للشرب دون إجراء أي بحث علمي أو تدقيق للمعلومات التي يعرضونها للناس والتي قد تصيبهم بأمراض خطيرة كما سترون.
هناك استقرار في الرأي بأن ماء التكييف لا يصلح للشرب، ببساطة لأنه (ماء مقطر)، فبالرغم من كونه يتميز بأنه خالي من أي إضافات كيميائية، على عكس مثلا مياه الصنبور التي كثيرا ما تكون مخلوطة بالكلور.
فإن مياه التكييف ليست خالية من الكلور والمواد الصلبة فحسب، بل هي أيضا خالية من الفلورايد والملح وعديد من المواد الأخرى وهي مواد مهمة لصحة وحياة الإنسان يستمدها جسمه من الماء.
علاوة على ذلك فمياه التكييف تكون شديدة الحموضة، كما قد تحتوى على (بكتيريا) وأخطرها (بكتيريا الليجيونيلا) وهي السبب وراء واحدة من أشد حالات الالتهاب الرئوي تسمي (داء الفيالقة) .. لذا من فضلك لا تحاول شربها.
ومع ذلك تبقي تلك المياه صالحة للعديد من الاستخدامات الأخرى.
استخدامات مياه التكييف:
حتى إذا لم تكن مياه التكييف صالحة لجميع الأغراض، فإن استخدامها في بعض تلك الأغراض، يجعلنا نقلل من استخدام مياه الشرب العذبة التقليدية.
دعونا الآن نلقي نظرة على بعض استخدامات مياه التكييف، والتي قد توفر لكم بعض الشيء من تكلفة فاتورة المياه الشهرية:
- ري النباتات: ومع ذلك يرجي الإنتباه إلي أن بعض النباتات والأشجار لا يصلح معها مياه التكييف لخلوها من العناصر والمركبات الموجودة في المياه التقليدية، لذا إذا كنت تنوي استخدامها في الرأي تأكد من كونها مناسبة لما تريد ريه بها.
- أغراض التنظيف المختلفة سواء داخل المنزل أو حتى غسيل السيارات.
- في بنغلاديش قامت بعض الفنادق الحديثة باستخدام المياه الناتجة عن التكييفات فيها، ووجدت أنها تستطيع توفير ٥٠٪ من كميات المياه التي تستخدمها.
- بحسب إي دبليو بوب بولوير، مؤلف كتاب (النظام البديل لإدارة المياه ومياه الصرف الصحي) ورئيس شركة Design-Aire Engineering، في إنديانابوليس بالولايات المتحدة الأمريكية، يمكن استخدام مياه التكييف في حمامات السباحة بشرط إضلفة مبيدات حيوية لها.
في الوقت الحالي .. تقول الأبحاث التي إجريت عن استخدامات المياه الناتجة عن أجهزة التكييف أنها قد تكون صالحة لأغراض الشرب بشرط أن تتم تنقيتها ومعالجتها في محطات مخصصة لذلك.
وذلك لتقليل خطر البكتيريا الفيلقية وغيرها من أشكال التلوث البيولوجي في تلك المياه، وتشمل عمليات المعالجة أشياء مثل التطهير بالأشعة فوق البنفسجية، أو أقراص الكلور، أو حقن الأوزون، أو رفع درجة حرارة الماء إلى 140 درجة فهرنهايت على الأقل.
---المصادر:
- مسعود ألوما، أميمول إحسانب, منذر امتيازك، ورقة بحثية بعنوان: ((كمية ونوعية الماء المتكثف لمكيف الهواء وإمكانية استخدامها في أغراض الشرب))، الورقة من إعداد باحثين في أقسام الهندسة المدنية في جامعات دافوديل الدولية وأوتارا في بنغلاديش، وجامعة سوينبيرن للتكنولوجيا، أستراليا.
- قناة أسئلة نص الليل على موقع يوتيوب.
- ورقة بحثية بعنوان ((تقييم إنتاج المياه من أنظمة تكييف الهواء كمصدر إمداد غير تقليدي: التركيز على جودة المياه ووجهات نظر المجتمع وتقبله)) من إعداد ساندرا مطرنة ، لبنى القراله، طارق الخريسات، معتصم عبد الجابر / قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة، جامعة عمان الأهلية، الأردن.
- أليسو آير.
- بحث بعنوان (مياة نظيفة من مكيف الهواء)، من اعداد (سورافوت سنيدفونجس)، مايو ٢٠٢٠.
- ((إنتاج المياه من أنظمة تكييف الهواء: بعض التقييمات حول الاستخدام المستدام للموارد))، بحث بقيادة آنا ماجريني، جامعة بافيا، إيطاليا، يوليو ٢٠١٧.
- شركة maki air واحدة من أكبر شركات التكييف في كاليفورنيا - الولايات المتحدة الأمريكية.
- موقع garding know how.
- ووتر تك اونلاين.
- منظمة المعهد الدولي للتبريد IIR.
- سلسلة MediaMarktSaturn أكبر متاجر إلكترونيات في أوروبا.