تغير المناخ .. ما هي أسبابه ، نتائجه ، والحلول الممكنة؟

((تغير المناخ، تغير المناخ، تغير المناخ)) .. لعلك تسمع هذا المصطلح كثيرا في السنوات الأخيرة، وخصوصا في شهور الصيف، حين ترتفع درجات الحرارة إلى معدلات كبيرة.

تغير المناخ
ما نبنيه وما نصنعه وما ينتج عن نشاطنا من غازات، كلها العوامل الرئيسية في تغير مناخ كوكبنا، Parsa 2au، CC BY-SA 4.0، via wikimedia commons.

فما هو تغير المناخ هذا؟ .. وهل هو خطير بالفعل؟.

إنك وأنت تقرأ هذا التقرير، ستتذكر قوله تعالى في الآية 41 من سورة الروم:

((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)).

ما هو تغير المناخ؟:

كما يتضح من اسمه فإن تغير المناخ هو حدوث تغيير (طويل الأجل) في درجات الحرارة سواء بإرتفاعها أو انخفاضها.

لكن التأثير الأبرز والأوضح لتغير المناخ يظهر في ارتفاع درجات الحرارة بمعدل غير مسبوق.

إنه وكما يوصف: (التهديد الأخطر للحياة على الأرض).

ما هي أسباب تغير المناخ؟:

هناك العديد من العوامل الجيولوجية والكيميائية والبيولوجية والجغرافية التي تؤثر على مناخ الأرض وتغيره.

لكننا وحتى لا ندخل في تعقيدات، فإننا سنقسم أسباب تغير المناخ إلى أسباب طبيعية، وأسباب أخرى بفعل يد الإنسان.

ما هي أسباب وآثار تغير المناخ؟.
مداخن المصانع تنفث في الجو أطنانا من غاز ثاني أكسيد الكربون، صورة لمصنع في سانت جون، نيو برونزويك، كندا. J.D. Irving Smoke Stacks، Tony Webster from San Francisco, California، CC BY-SA 2.0، via wikimedia commons.

  • الأسباب الطبيعية: كنتيجة مثلا لحدوث تغيرات في نشاط الشمس، أو إنفجارات بركانية كبيرة، لكن وبشكل عام فإن الأسباب الطبيعية تأثيرها قليل جدا على تغير المناخ.
  • الأسباب البشرية: وهذه الأسباب متنوعة بشكل كبير:

السبب الأول: الوقود الأحفوري:

بعد الثورة الصناعية، وبالتحديد منذ القرن التاسع عشر، أخذت معدلات استهلاك الإنسان للوقود الأحفوري (البترول، الفحم، الغاز) تزداد بشكل كبير، ومع حرق هذا الوقود بدأ تغير المناخ يحدث بشكل سريع جدا، كنتيجة مباشرة لما يعرف باسم (الاحتباس الحراري).

مع حرق الوقود الأحفوري، يتصاعد غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، وبالتالي يؤدي إلى إرتفاع درجة حرارة الكوكب، ونصبح أمام تغير المناخ.

وبحسب أرقام وكالة ناسا الأمريكية، فإن الانشطة البشرية أدت إلى رفع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنسبة 50% خلال المائتين عام الأخيرة.

غاز ثاني أكسيد الكربون ومعه مجموعة من الغازات الأخرى يشكلون معا غازات تسمي (الدفيئة)، والتي تعد أحد أهم أسباب الاحتباس الحراري ومن ثم تغير المناخ.

في الوضع الطبيعي الذي خلق الله به الأرض، كان كوكبنا قادرا على طرد أشعة الشمس الحارة منه، لكن مع تجمع كميات كبيرة من غازات (الدفيئة)، شكلت ما يشبه الغطاء أو الغشاء الذي يمنع أشعة الشمس من الخروج من كوكبنا.

يشبه الأمر تماما ما يحدث في الصوبة الزراعية (المشتل) .. فكأن هذه الغازات حبست العالم كله داخل صوبة زراعية لا تطرد الحرارة منها.

هذا الاحتباس لا يؤدي فقط إلى ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي بل كذلك في المحيطات والبحار وحتى اليابسة، وإن كانت الزيادة تظهر أسرع في اليابسة مقارنة مع المحيطات، كما بدت التأثيرات واضحة كذلك في القطب الشمالي.

السبب الثاني: قطع الغابات والأشجار:

يمارس الإنسان قطع الغابات بكثافة شديدة، لأغراض مثل صناعة الأثاث أو حتى تفريغ مساحات للزراعة.

إن الغابات تمثل (رئتين الكوكب)، فتخيل معا إنسان بلا رئتين، أو حتى برئتين تنقص قدراتهما بشكل مستمر، كيف ستتدهور صحته؟.. بالتأكيد سيحدث ذلك بشكل مستمر حتى تأتي اللحظة التي يموت فيها.

السبب الثالث: تربية الماشية:

مما قد يثير دهشة الكثيرين أن تربية الماشية بمختلف أنواعها (الأبقار، الماعز، وحتى الخنازير) هي واحدة من أهم الأنشطة البشرية التي تتسبب في تغير المناخ.

إذ يصدر عن تلك الحيوانات كمية كبيرة من الغازات التي تصعد إلى الغلاف الجوي وتتسبب في زيادة المشكلة.

1.5 درجة مئوية:

ما يجب أن نفهمه جميعا أنه ليس كل درجة مئوية من درجات الحرارة مهمة، بل إن كل جزء من كل درجة حرارة مهم .. ومهم جدا.

مع كل زيادة (ونقصد هنا جزء من درجة مئوية وليس زيادة درجة مئوية كاملة) تزداد ظاهرة الاحتباس الحراري، وبالتالي يصبح تغير المناخ أشد وأكثر خطورة.

لكن لماذا يهتم العالم بعدم ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من 1,5 درجة فقط؟ .. لماذا ليست 1,6 أو 1,7 أو حتى 1,4 أو درجتين كاملتين؟.

بحسب الدراسات العلمية فإنه ومنذ نهاية العصر الجليدي قبل 12 ألف سنة، كان متوسط تغير درجة الحرارة على كوكب الأرض في المتوسط هو 1,5 درجة فقط، لذا فإنهم يريدون الحفاظ على هذا المعدل بدون زيادة.

لكن الأرقام التي توفرها (الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي) في الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى معدلات زيادة خطيرة.

فبينما ظلت درجات الحرارة في العالم ترتفع (0.06 درجة مئوية) كل عشر سنوات منذ عام 1850 حتى عام 1981، فقد كان العام 1982 عاما مفصليا.

منذ تلك السنة، أصبح معدل الارتفاع هو (0.20 درجة مئوية) كل عشرة سنوات.

ما هي آثار تغير المناخ؟:

آثار تغير المناخ أصبحت موجودة بالفعل في عالمنا اليوم، وليس كما يظن البعض مشكلة سنواجهها في المستقبل، بل وعلينا أن نفهم أنها ستتفاقم إذا ما واصلنا إضافة غازات الاحتباس الحراري إلي الغلاف الجوي.

أهم آثار تغير المناخ تظهر في صورة:

  1. موجات ارتفاع الحرارة الشديدة، حيث أصبحت موجات ارتفاع درجات الحرارة أشد وأطول من حيث مدتها في فصل الصيف، وفي نفس الوقت تشهد مناطق أخرى عكس ذلك تماما مع ارتفاع معدلات وكميات هطول الأمطار بشكل هائل.
  2. حرائق الغابات مثل حرائق غابات كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
  3. الجفاف، مثل فترات الجفاف الطويلة في منطقة القرن الأفريقي.
  4. الفيضانات.
  5. العواصف الاستوائية والأعاصير مثل تلك التي تواجهها دول جنوب شرق آسيا.
  6. وإذا كان الإنسان يقطع بنفسه الغابات رئتين الكوكب، فإن التغير المناخي يقضي على ما يوصف بأنه (مكيف هواء الأرض)، والمقصود بذلك هما القطبين الشمالي والجنوبي، حيث تذوب الجبال الجليدية هناك.
  7. بالتبعية لذلك ترتفع مياه المحيطات والبحار حيث أصبحت مدن كاملة مطلة عليها مهددة بخطر الغرق.
  8. التأثير على نمط حياة الحيوانات، فحتى السلاحف لاحظ العلماء أنه ونتيجة لتغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الرمال، اضطرت السلاحف لتغيير المواقع التي كانوا يعششون فيها بيضهم، وهذا بدوره يؤثر على البيض نفسه وما سيخرج منه بعد ذلك من صغار.

كل هذه الآثار تزيد بفعل التغير المناخي سواء من حيث (حجمها أو شدتها أو معدل تكرارها)، وكل جزء من العالم يعاني بشكل ما، أو بعدة صور في نفس الوقت.

سلبيات تغير المناخ على صحة الإنسان:

بجانب التأثير المباشر لتغير المناخ على كوكب الأرض، فهناك تأثيرات سلبية كذلك تنال من صحة الإنسان حسبما ذكرت منظمة الصحة العالمية WHO، وتشمل:

  1. تلويث أحد أهم المكونات الأساسية لصحة الإنسان وهو الهواء النظيف.
  2. التأثير على توافر المياه أحد العناصر التي لا يمكن للحياة أن تستمر بدونها، في عالم يعاني أصلا من
  3. ندرة المياه.
  4. واستمرارا في المساس بالركائز الأساسية للحياة، يؤثر تغير المناخ على إمدادات الغذاء نتيجة لتأثيره على الكثير من المحاصيل الزراعية.
  5. نتيجة لما يتسبب به من فيضانات وعواصف، فإنه يعرض الإنسان في العديد من المناطق لفقدان منزله، وهذا يجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

المشكلة عزيزي القارئ أن هذه السلبيات لن تؤثر على صحة البشر فحسب، بل ستقتلهم.

فحسب توقعات منظمة الصحة العالمية WHO فخلال الفترة من عام 2030 وحتى عام 2050، سنفقد ربع مليون شخص كل عام بسبب تغير المناخ (بإجمالي وفيات يصل إلى 5 مليون شخص، بمعني أنه سيموت نحو 695 شخص كل يوم بسبب تغير المناخ).

هذه الأرقام مرعبة، فلو قارناها مثلا مع الحرب الدموية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، فمتوسط الشهداء الفلسطينيين 166 شهيد يوميا، وحتى أقل من حرب روسيا وأوكرانيا التي تشير بعض التقديرات إلى أنه يموت من طرفيها كل يوم 352 قتيل في المتوسط.

لكن ستكون الصورة أكثر قتامة عندما ندرك أن هؤلاء الموتى هم نتيجة فقط لتسبب تغير المناخ في إصابتهم بأمراض من نوعية الملاريا والإسهال والإجهاد الحراري ونقص التغذية، دون احتساب بقية نتائجه من فيضانات وبراكين وحرائق غابات ... فكم سيكون الإجمالي؟.

كيف يمكن حل مشكلة تغير المناخ؟:

إنه وبعد كل ما سبق، فأصبح من الواضح تماما أنه نحن بحاجة إلى العمل وفورا من أجل مواجهة التغير المناخي وإلا فإن الأمور ستصبح أكثر سوءا.

إذ يعتقد العلماء أنه يمكن كبح جماح الآثار الأكثر سوءا والناتجة عن التغير المناخي، ومن الحلول المهمة في هذا السياق:

  • دعم وتطوير الابتكارات التي تهدف إلى سحب غازات الدفيئة وخصوصا غاز ثاني أكسيد الكربون من غلافنا الجوي، وهذا يشمل المشاريع العملاقة مثل مشاريع تخزينه في مستودعات ضخمة في المحيطات وحتى الألواح صغيرة الحجم المصنوعة من الفحم المنشط التي يمكن وضعها في أي منزل من منازلنا.
ولم يخلو الأمر من حلول مثيرة للجدل مثل خطة الملياردير الأمريكي الشهير بيل غيتس لحجب الشمس ويمكنكم الإطلاع على تفاصيلها عبر تقريرنا: ((خطة بيل غيتس لحجب الشمس.. مقامرة تقليل درجة حرارة الأرض التي قد تقودنا لكارثة بيئية)).

المصادر:


القانون في الخليج
القانون في الخليج
القانون في الخليج هي منصة إلكترونية صنعت خصيصا للتوفير المعلومات القانونية الدقيقة والموثوقة لكافة العاملين بالقانون وحتى الأفراد العاديين في دول الخليج العربي. إذا كنت إستاذا في القانون، قاضيا، محاميا، أو حتى قارئ عادي فستوفر لك القانون في الخليج المعلومة القانونية التي تحتاجها وفورا.
تعليقات