تتحجج إسرائيل بالعديد من الحجج لمحاولة تبرير هجومها على مدينة (رفح) حيث حشرت مليون ونصف المليون فلسطيني مدني داخل مساحة جغرافية صغيرة معظمهم من اللاجئين من مناطق شمال القطاع، علاوة على سكانها الأصليين.
جنود إسرائيليين داخل مدرعة النمر خلال دخولهم للقتال في قطاع غزة، Yoav Keren، CC BY-SA 4.0 DEED، via wikimedia commons. |
الهجوم على رفح، تلك المدينة الصغيرة المكتظة بالسكان، يعني وببساطة مجزرة بشرية مروعة قد تفوق في بشاعتها كل ما سبقها خلال تلك الحرب الدموية المجنونة.
مصالح نتنياهو:
كل تلك الحجج يسوقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعلم جيدا أنه هو نفسه أكثر رؤساء الوزراء الإسرائيليين إثارة للفساد، بل وحتى إثارة للإنقسام داخل الكيان الصهيوني.
يعتقد نتنياهو أن تسويق أنه قد اقتحم رفح ورفع شعارات مثل تدمير آخر 4 كتائب من قوات حماس قد ترفع أسهمه في أي انتخابات مقبلة، إذ يخشي أن خسارته فيها قد لا تعني فقط خسارته لمنصبه، بل لمستقبله السياسي كله، وحتى إحتمالية الزج به في السجن على خلفية قضايا فساد مالي.
قطع الطريق على نصر حماس:
مع دخول رفح، ستقطع إسرائيل الفرصة على حماس أن تقوم بعد وقف إطلاق النار بالحديث عن الانتصار.
فبالرغم من الضربات العسكرية الموجعة التي تلقتها الحركة، وقبلها الفاتورة البشرية الأعلى منذ بدء الصراع عام 1948، فإن عدم دخول رفح سيترك الباب مفتوحا ليتحدث البعض عن انتصار لحماس.
بل قد يخرج زعيمها ((يحيى السنوار)) معلنا النصر.
الأهم من كل ذلك أن فرص حماس وقتها ستكون أكثر وأقوى لإستجماع قواها والاستعداد للقتال في يوم آخر ولو بعد عشر سنين.
ومع وجود حماس، حتى وهي في حالة استعداد لمعركة جديدة، فإن إسرائيل والإسرائيليين وخصوصا أولئك الذين يعيشون في جنوب الأرض المحتلة سيظلون يشعرون بتهديد لمستقبلهم.
هل ستهاجم إسرائيل رفح بالفعل؟:
لا يزال هذا الأمر غير واضح، هل ستهاجم إسرائيل بالفعل؟ .. وإذا ما هاجمت فهل ستكون قادرة على تنفيذ الهجوم بشكل ناجح؟.
لقد حذرت إدارة الرئيس بايدن بشدة من غزو واسع النطاق لرفح، قائلة إنه قد يكون ضارًا للغاية بالمدنيين ويضر في النهاية بأمن إسرائيل، لكن كم مرة طيلة هذه الحرب لم تأبه إسرائيل بالتصريحات الأمريكية، خصوصا أن واشنطن لا تفعل أي شئ لردع إسرائيل، بل تزيد إمدادات الأسلحة لها.
من جانبه، فإن نتنياهو قال يوم الاثنين 8 أبريل أن موعد الهجوم على رفح قد تم تحديده بالفعل، وإن كان لم يعلن عنه بالتحديد، ومع ذلك فهذا قد يتم تفسيره على أنه "سر حربي".
ما الذي قد يمنع الهجوم الإسرائيلي على رفح؟:
هناك العديد من الأسباب التي قد تمنع إسرائيل من الإقدام على خطوة مهاجمة رفح.
السبب الأول، هو تكدس المدنيين بشكل لا مثيل له في رفح .. وهذا ليس لأن إسرائيل تخاف عليهم، لقد قتلت عشرات الآلاف منهم خلال الستة أشهر الماضية.
إذ بلغت أعداد الضحايا 33 ألف قتيل حسب وزارة الصحة في غزة، ومن المتوقع أن تزداد بشكل ملحوظ بمجرد استخراج الجثث تحت أنقاض المنازل التي تهدمت جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
ويزعم الجيش الإسرائيلي أن هذا يشمل 12 ألف مقاتل من حماس قال أنه قد قام بقتلهم، معظمهم كانوا في المعارك التي دارت في مدينتي (غزة) و (خان يونس).
لكن الأرقام هذه المرة قد تكون أضخم بشكل واضح، ما قد يعزز السخط الدولي عليها.
لذا -وبغض النظر عن جديتها في ذلك- تخرج التصريحات الإسرائيلية لتتحدث عن إخراج المدنيين من رفح قبل بدء الهجوم.
قصر السلام في لاهاي بهولندا حيث مقر محكمة العدل الدولية، UN Photo/Andrea Brizzi، CC BY-NC-ND 2.0 DEED، via Flickr. |
ومما يزيد من السخط الدولي .. وما قد يتبعه من تعقد موقف إسرائيل في العديد من القضايا المرفوعة ضدها وأبرزها دعوى جنوب افريقيا أمام محكمة العدل الدولية، أن الهجوم على رفح سيترافق معه انقطاع المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع عبر مصر.
بشكل ما، قد تتطور الأمور في رفح بشكل كارثي إلي درجة أن فرض عقوبات دولية على إسرائيل وهو الأمر الذي يبدو خياليا، قد يطرح وقتها على طاولة النقاش.
السبب الثاني، يتمثل في مصر، التي تطالب إسرائيل منذ مدة طويلة بعدم الإقدام على خطوة الهجوم على رفح.
إذ أعربت مصر في أكثر من مناسبة عن رفضها التام تدفق الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، وهو الأمر الذي قد يحدث نتيجة الضغط العسكري عليهم إذا ما هوجمت رفح.
كما ألمح المصريين في وقت سابق، أن شن هجوم إسرائيلي على رفح قد يقابله تقويض أو تعليق معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية التي مضى عليها 45 عامًا، والتي تعتبرها الحكومة الإسرائيلية حجر الأساس لأمنها القومي، إذ لا يريد أحد هناك أن يخوض صراعا مع مصر.
وأنت في رأيك .. هل سيقدم الإسرائيليين بالفعل على خطوة الهجوم البري على رفح؟.