لماذا يعتبر الصوف الإنجليزي الأفضل في العالم؟

يظل الصوف هو أحد أكثر الأشياء التي يفتخر بها الإنجليز.

الصوف الإنجليزي، فخر قومي في إنجلترا، صورة من Karolina Grabowska، via Canva.

تجدهم يتحدثون دوما عن منتجاتهم من الصوف مفتخرين بجودتها ومتناتها، فدعونا نأخذ جولة معا في عالم صناعة الصوف الإنجليزي نتعرف فيها على أسرار تلك الألياف الفريدة من نوعها.

أشهر أنواع الصوف الإنجليزي:

على قمة الصوف الإنجليزي نجد أنواع فاخرة مثل:

1. التويد الكلاسيكي.
2. ميرينو الناعم.
3. بولكا.
4. صوف أغنام كوتسوولد وهو نوع ثمين ويتصف بطوله.
5. صوف أغنام جاكوب.

هذه الأنواع مثالية سواء للملابس العصرية مثل المعاطف والسترات والقفازات.

وبينما كان السجاد المصنوع من الصوف الإنجليزي يحظى بسمعة عالمية بسبب متانته وقوته، لدرجة أن كثير من الناس يعتقدون أن الصوف الإنجليزي يصلح فقط لإنتاج السجاد، فإن هذا الأمر غير صحيح.

فبخلاف ما ذكرناه من استخدامه في صنع الملابس، يدخل الصوف الإنجليزي في صناعة المنسوجات المنزلية المختلفة من بياضات الأسرة والمفروشات، وكذلك الألحفة والأغطية والبطانيات، والعديد من الأشياء المفيدة الأخرى.

أيضا فإنها تمنح الكثير من الألوان التي يمكن صبغها بها، والعديد من التصميمات الرائعة.

وبالرغم من أن الكثيرين قد تنحصر فكرتهم عن الصوف الإنجليزي بإنه خشن الملمس، وهذا يفضله الكثيرون، إلا أن العديد من الأنواع حاليا أصبحت ناعمة الملمس بشكل مدهش، مما يجعله يرضي جميع الاذواق.

مميزات الصوف الإنجليزي:

قطعة من الصوف الإنجليزي، صورة من pxhere.

أهم مميزات الصوف الإنجليزي هو جودته، نحن نتحدث عن صوف سيستمر جيدا طوال الحياة، بمعني أنك ستشتريه بسعر أغلى لكن من الناحية الاقتصادية سيكون أفضل لأنك وببساطة لن تضطر لتغييره.

الإنجليز يقولون أن الصوف الخاص بهم هو الأفضل بسبب عدة عوامل اجتمعوا معا.

طقس بلادهم، الجيولوجيا ونوعية الأرض، موقعهم على الكوكب هو السر وراء الجودة العالية للصوف الذي ينتج لديهم.

منحهم المطر الكثير هذا الريف الانجليزي الأخضر المورق، ومع مناخ جيد، ويد عاملة تعد من بين الأمهر والأكثر خبرة في هذا المجال.

وعندما نتعمق في البحث عن الصوف الإنجليزي ربما نجد خصائص مميزة أخرى له تجعله أشبه بالمعجزة التي منحها الله للإنجليز.

هل تتذكر ليالي وأيام الشتاء الباردة؟... عندما تضطر إلى ارتداء نصف ما في دولاب ملابسك لكي تشعر بالدفء؟.

مع الصوف الإنجليزي يختلف الأمر تماما، قطعة واحدة تبقيك دافئا، وهنا أيضا بعد اقتصادي مهم، فيمكنك هنا التوفير وشراء قطعة أو قطعتين مصنوعتان من الصوف الإنجليزي بدلا من كومة مصنوعة من القماش العادي أو المواد الأخرى.

كذلك وللمفارقة فإن الصوف الإنجليزي يحميك من حرارة الصيف عندما ترتدي الأنواع الصيفية منه، ولذا فهو يطلق عليه لقب (القماش متعدد الاستخدامات).

خيوط من الصوف الإنجليزي Stitch Up Dynamite DK British، تمت صباغتها يدويا في شينجوكو، اليابان، صورة من suziesparkle، CC BY-NC-SA 2.0 DEED، via Flickr.

لنضف فوق ذلك إنها تقاوم الماء بشكل جيد جدا.. إذا انسكب على ملابسك ماء أو كوب من أي مشروب آخر، أة حتى اضطررت للسير والسماء تمطر فوق رأسك.

في الغالب ستضطر لاستبدالها لأنها ستمتص السائل، لكنك لو ارتديت قطعة ملابس مصنوعة من الصوف الإنجليزي فلن يحدث ذلك، حيث ستمتص رطوبة الماء دون أن تشعر أنك مبلل، لكن تذكر أن هذا ليست دعوة للاستحمام وأنت ترتدي ملابس مصنوعة من الصوف الإنجليزي.

بعض المصادر تتحدث كذلك عن كون الصوف الإنجليزي مقاوم للهب، لا يعني ذلك أنه لا يحترق، لكن بكل تأكيد فالأمر أصعب بكثير من قطعة ملابس عادية.

لا تتوقف مزايا الصوف الإنجليزي هنا، فألياف هذا الصوف تعمل بطريقة ما على طرد تراكم البكتيريا .. وهذا يساعد على عدم ظهور رائحة العرق.

حتى من ناحية الحفاظ على شكلك وأنت ترتديها فهي قليلا ما يحدث لها تكسر أو تجعد مهما غيرت أنت من موضع أو شكل جلستك.

كذلك من حيث بقية المنتجات، فمثلا ملاءات السرير المصنوعة من القطن العضوي أو الكتان أو البوليستر، ستجعل نومك أصعب في الصيف لأنها تزيد من احساسك بالحرارة وتجعلك تتعرق، على العكس فالملاءة المصنوعة من الصوف الإنجليزي ستحسن نومك بشكل ملحوظ، والعكس صحيح في الشتاء حيث ستبقيك دافئا.

ومما يميز الصوف الإنجليزي كذلك، ويحب البعض هذه التفصيلة بالذات، أن بعض الألياف -يكون عددها قليل- لا تتشرب الصبغة بشكل كامل، وهذا يجعل سترتك المصنوعة من الصوف الإنجليزي تحتوى على ألياف طبيعية غير مصبوغة تعطي لها شكل مميز للغاية.

لعلنا نفهم الآن لماذا يعتبر شراء الصوف الإنجليزي أو إهداءه لشخص ما بمثابة جائزة حقيقية.

في السنوات الأخيرة أيضا، ومع تصاعد النشاط والاهتمام بالحفاظ على البيئة في مواجهة ظواهر مثل (الغازات الدفيئة) و (الاحتباس الحراري) بدأ الحديث كذلك عن المزايا البيئية للصوف عموما والصوف الإنجليزي خصوصا، وكيف أنه البديل المثالي للأقمشة التي يصنعها الإنسان، والتي تستغرق سنوات طويلة بعد استهلاكها حتى تتحلل في مكبات النفايات.

تاريخ الصوف الإنجليزي:

لوحة يظهر بها رجل وسيدة يقومان بقص صوف الغنم، اللوحة بريشة دوق بيري، معروضة حاليا في متحف كوندي، شانتيلي، فرنسا، public domain via wikimedia commons.

على مدار أكثر من ألفي عام، ظل الإنجليز يحترمون الصوف الخاص بهم كثيرا.

اليوم، فإن رواد الفضاء يرتدون الصوف الإنجليزي لتوفير الراحة لهم داخل مركباتهم الفضائية، كما يحمي العلماء في القطبين الشمالي والجنوبي ومتسلقي أعلى قمم الجبال، إنه مفضل كذلك لدى البحارة الذين يخوضون محيطات العالم الواسعة، والرجال الذين يستخرجون النفط في ألاسكا.

بدأت معرفة الإنجليز بالصوف عندما بدأوا كغيرهم من بني البشر في تربية الأغنام.

بشكل عام، يعتقد أن سكان بلاد ما بين النهرين قد سبقوهم في ذلك بآلاف السنين، إذ يرجح أنهم أول من استخدموا الصوف حوالى سنة 10000 قبل الميلاد، عندما بدأوا في تدجين وتربية الأغنام الجبلية من نوع "الموفلون البري" أو "الكبش البري"، واستخدموها في إنتاج الحليب واللحوم وكذلك الصوف.

ومع حلول الألف السادسة قبل الميلاد، بدأت شعوب أخرى في استخدام الصوف في التدفئة، فبعد قتل الغنم من أجل الطعام كانوا يرتدون جلودها لتقيهم برد الشتاء.

ثم فكروا في الطريقة التي يمكنهم الاستفادة بها من هذا الصوف الذي تحتاج الأغنام إلى قصه وتخفيفه عن كاهلها خصوصا في شهور الصيف، وفي الوقت الذي سبق اختراع المقصات، كان الصوف يزال إما عبر مشط مخصص لذلك أو حتى من خلال نزعه يدويا.

الإنجليز انتظروا حتى العصر البرونزي، وبالتحديد حتى سنة 1900 قبل الميلاد تقريبا لكي يبدأو في إنتاج الأقمشة الصوفية.

لكن الناس في الجزر البريطانية وبالرغم من أنهم جاءوا متأخرين عن بلاد ما بين النهرين إلا إنهم قد سبقوا الجميع تقريبا، واليوم يفتخرون بشدة بسلالات الأغنام لديهم، التي أصبحت مصدرا لثراء الكثيرين ممن تاجروا في صوفها، وأحد أهم مصادر الاقتصاد البريطاني لقرون متتالية.

وفر الريف الإنجليزي الخصب ذو المساحات الخضراء الشاسعة بيئة مثالية لتربية الأغنام، مصدر الصوف، image by gratuit، CC BY 3.0 DEED.

بمرور الوقت، وبحلول العصور الوسطي، انتقل الصوف الإنجليزي للتصدير، حيث كان ينتظر بلهفة في المدن التي تعتبر مراكز صناعة النسيج في أوروبا مثل العاصمة البلجيكية بروج، ومدينة ليل وأراس الفرنسيتين، حيث كان يعتبر الصوف الإنجليزي هو الأجود على الإطلاق.

نجم هذه المرحلة كان Cheviot أو الشفيوت وهو غنم تركز تربيته على الحدود مع اسكتلندا.

الشفيوت قدم عدة مميزات فهو أولا كثيف الصوف، ما يعني الإنتاج الغزير، وفي نفس الوقت نوعية الصوف نفسها، فهو ينتج صوف أبيض لامع مميز، وفوق كل هذا فهذه السلالة من الأغنام شديدة التحمل.

لكن الشفيوت لم يكن نجم الشباك بمفرده، فلديهم كذلك خرفان بيضاء الوجه قصيرة وناعمة الصوف تسمي (المارينو) الإسبانية الأصل، والتي تواصل العيش على الجزر البريطانية منذ جاءت إليها عام 55 قبل الميلاد مع الغزاة الرومان الذين سيطروا على بريطانيا وقتها.

في العصور الوسطي ونتيجة لكل هذه الجهود، أصبح الصوف هو العامود الفقري والقوة الدافعة للاقتصاد، صارت القرى الصغيرة والفقيرة تتطور وتكسب المال بفضل الصوف، وأصبح الأنجح والأثرى هو من تجد بضاعته طريقها إلى التصدير.

صناعة الصوف في بريطانيا:

حاليًا، تعد بريطانيا واحدة من أكبر منتجي الصوف في العالم مع كمية هائلة من الإنتاج تبلغ 22000 طن سنويًا.

هذا ويمتهن مهنة تربية الأغنام في المملكة المتحدة حاليا 45 ألف مربي أغنام، يرعون ما يقارب 34 مليون رأس، متنوعة في 60 سلالة، منها 25 سلالة نادرة ((هذا يجعل الإنجليز خلف الصين التي تمتلك 200 مليون رأس، ثم أستراليا مع 70 مليون، ثم الهند 60 مليون،  ثم إيران 45 مليون، نيجيريا 41 مليون، السودان 40 مليون)).

لكن العبرة ليست بالكم .. العبرة بكيف تستخدم هذا الكم؟ .. ثم ما هو مدى الجودة التي سيخرجها لك؟.

أما عملية تحويل صوف الغنم إلى الصوف الإنجليزي الشهير فهي عملية معقدة تتكون من 10 مراحل، تبدأ بقص الغنم نفسه، ثم تنتقل إلى تنظيفه من أجل إزالة الشحم والعرق والقاذورات منه.

بعد ذلك تبدأ عملية التصنيع، وتمر بمراحل مختلفة وصولا إلى تغليفه وشحنه إلى المتاجر لبدء بيعه.

وتتزايد أهمية الصوف بالنسبة للاقتصاد الإنجليزي، وتلعب منظمة (الصوف البريطاني) دور مهم في توعية المجتمع البريطاني به، وتدعو لزيادة الطلب عليه، وتبلغ ذروة نشاطها في الفترة ما بين 3 : 30 أكتوبر من كل عام، حيث يتم الاحتفال بما يعرف باسم (شهر الصوف).

(مجلس الصوف البريطاني) لا تقتصر مهمته عند ذلك الحد فحسب، بل يمنح اعتمادات للشركات التي تنتج الصوف بأنه مطابق للمواصفات بعد عمليات فحص دقيقة تشمل جودة ألياف الصوف، وهل هي مناسبة للغرض الذي صنعت من أجله، بل وتشمل حتى الظروف التي تم فيها تربية قطيع الأغنام، لأن كل ذلك يحدد في اي شئ سيتم استخدام الصوف؟. هل لإنتاج المفروشات مثلا ام السجاد؟.

والآن أخبرنا .. هل أنت من محبي الصوف الإنجليزي المخضرمين ام جربته حديثا .. ام وقعت في حبه من تقريرنا عنه وقررت تجربته؟.. ام لديك رأي مختلف وأن صوف دولة أخرى هو الأفضل؟.