القرفة في صورتها الأشهر هي مشروب بني اللون، ويمكن استخدامها كذلك كتوابل طعام.
أعواد ومسحوق القرفة، formulate health، CC BY 2.0 DEED، via wikimedia commons. |
من القرفة أيضا تصنع العديد من أنواع الحلوى والمخبوزات والكاري، كما تدخل كذلك في صناعة العطور.
وبخلاف طعمها المحبب للكثيرين، ففي الوقت نفسه فإن القرفة لها العديد من الفوائد الصحية التي قد يغفل عنها الكثيرين حتى من محبي شربها.
إنها مانعة للالتهابات التي تسبب الكثير من الأمراض، وتزود الجسم بالعديد من العناصر الهامة مثل الألياف والحديد، وغنية بمضادات الأكسدة والمركبات المفيدة الأخرى، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد .. فدعونا نستكشف معا حكاية هذا المشروب الذي كان يحتسيه ملوك وملكات مصر القديمة وأصبح اليوم في مطابخنا جميعا.
من أين تأتي القرفة؟:
القرفة، والتي تسمي أيضا قرفة سيلان (بالإنجليزية: Cinnamomum verum) أو قرفة كاسيا "cassia" في إشارة لأشهر نوعين من أنواع القرفة.
وإن كانت أنواع القرفة كثيرة للغاية، حيث تتعدد أنواعها لدرجة أنها قد تصل إلي ما يقرب من 250 نوعًا حول العالم.
الموطن الأصلي للقرفة في سريلانكا والهند وميانمار، كما تزرع كذلك في أمريكا الجنوبية وجزر الهند الغربية.
هي عبارة عن شجرة كثيفة الأوراق دائمة الخضرة من عائلة أشجار الغار، ونحصل على القرفة نفسها والتي تستخدم فيما بعد كمشروب أو كتوابل من لحاء الشجر، واللحاء هو الطبقة الخارجية لجذوع الأشجار.
حيث يتم قطع اللحاء من الشجرة، ثم تجفيفه في الشمس حتى يأخذ شكله المجعد المميز والذي يشبه الاسطوانات.
من ثم نحصل على أعواد القرفة المميزة برائحتها العطرة الرقيقة ونكهة حلوة دافئة، والتي تعتبر واحدة من أهم التوابل التي يستخدمها الناس يومياً في جميع أنحاء العالم، حيث يمكن استخدامها بهذا الشكل أو حتى بعد طحنها وتحولها إلي مسحوق.
تتشكل أعواد القرفة بفعل تعريض لحاء شجرتها للشمس، NegativeSpace. |
والحقيقة أن شجرة القرفة شجرة طيبة، فهي تحتاج فترة نمو قصيرة (من عامين إلي ثلاثة)، وبعد قطع اللحاء لاستخدامه، تقوم بإنتاجه من جديد، وتستمر في ذلك لمدة تتراوح بين 40 إلى 50 عامًا.
المميز في حكايتنا نحن البشر مع القرفة أننا ومنذ آلاف السنين، أدركنا مميزاتها، وقدرناها لخصائصها ومميزاتها.
حيث وجدنا في الاكتشافات الأثرية أن المصريين القدماء استخدموها منذ 2000 عام قبل الميلاد حيث حظيت بتقدير كبير لدي الحضارة التي عرفت بتقدمها في العديد من العلوم ومنها الطب، لدرجة أنها كانت تعتبر هدية قيمة تليق بتقديمها للملوك في ذلك الحين، وذلك لأن كمياتها وقتها كانت تعتبر نادرة مقارنة بوقتنا الحالي.
كما استخدم المصريين القدماء القرفة في التحنيط وكذلك شعائرهم الدينية. أيضا الرومان من جانبهم اعتقدوا أن رائحة القرفة مقدسة وكانوا يحرقونها في الجنازات.
وفي وقت لاحق وعقب عصر النهضة الأوروبي، وبالتحديد عندما ركز الغرب أنظاره الاستعمارية على الهند، أصبحت القرفة هي التوابل الأكثر ربحية في تجارة شركة الهند الشرقية الهولندية التي اعتبرت واحدة من أهم الشركات في التاريخ، وأحد رؤوس حربة الاستعمار وقتها.
وحتى قبل ذلك وفي العصور الوسطى، توسع استخدام القرفة كمكون طبي ودواء، حيث استخدمها الأطباء لعلاج بعض الحالات مثل السعال والتهاب المفاصل والتهاب الحلق.
ما هي فوائد القرفة؟:
حقيقة هناك قائمة طويلة من الفوائد التي تمنحها لك القرفة، بفضل مكوناتها مثل حمض السيناميك، والسينامات والأوجينول والبروسيانيدين... وإن كانت معظم الأبحاث تركز على كون مركب (السينامالدهيد) بالتحديد هو المسؤول عن معظم الفوائد الصحية للقرفة.
ونذكر من فوائد القرفة المذهلة لتنوعها وكثرتها (وإن كانت بعض الفوائد يقول عنها الأطباء أنها تحتاج للمزيد من الأبحاث للتأكد منها بشكل تام):
القرفة لها الكثير من الفوائد الصحية المتنوعة والهائلة، Kjokkenutstyr، via wikimedia commons. |
- ما أشارت إليه بعض الأبحاث من أنه قد يساعد على إدارة نسبة السكر في الدم، وإن كانت مراجعة قد صدرت عام 2012 عن المركز الوطني الأمريكي للصحة التكميلية والتكاملية (NCCIH)، خلصت إلي أن ذلك ليس دقيقا وخصوصا على المدى الطويل.
- القرفة تعمل كذلك على الوقاية من أمراض القلب، وهو شيء لو تعلمون عظيم، خصوصا أن الكثير من الاحصائيات تتحدث عن أن أمراض القلب هي أكبر مسبب للوفاة على مستوى العالم.
- باحتوائها على الكثير من الخصائص المضادة للأكسدة والالتهابات والمضادة للميكروبات، فإنها تحمي الإنسان من كثير من الأمراض.
- القرفة تقاوم ما يعرف باسم (الجذور الحرة) وهي نتيجة طبيعية لعمليات التمثيل الغذائي في الجسم، ولكنها يمكن أن تؤدي إلى الإجهاد التأكسدي، الذي يمكن بدوره أن يسبب تلف الخلايا والمساهمة في الإصابة بالأمراض.
- بما تحتويه من زيوت .. تعد القرفة مقاوم جيد لتخثر (تجلط) الدم.
- يمكن استخدامها كمكمل غذائي لما تحتويه من عناصر غذائية مهمة مثل المنغنيز والكالسيوم والحديد.
- تعمل القرفة كذلك كمقاوم لمرض السرطان.
- حسب بحث شهير حمل عنوان (القرفة: نبات طبي متعدد الأوجه) ونشرته المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأمريكية NLM في أبريل 2014، فإن القرفة لها نشاط ضد الاضطرابات العصبية، مثل مرض باركنسون والزهايمر.
- وجدت دراسات أخرى أن مضغ العلكة المصنوعة من القرفة لها تأثير إيجابي على زيادة تركيز المخ وتعزز من قدرة الإنسان على العمل.
- بحسب الموسوعة البريطانية، يستخدم الزيت العطري المقطر المستخلص من لحاء شجر القرفة في صناعة العديد من أنواع الأدوية.
- تدخل القرفة في العديد من أنظمة خسارة الوزن (الريجيم) وخاصة تلك التي تركز على الدهون في منطقة البطن.
- اثبتت بعض الدراسات أن زيت القرفة لها تأثير مساعد في علاج بعض أنواع الالتهابات الفطرية.
أضرار القرفة:
كعك مصنوع من القرفة، © 2022, Cheryl Norris. |
بشكل عام، فإن أي شئ يزيد عن حدوده قد ينقلب إلي نتائج عكسية، وهناك قاعدة ذهبية تقول إن كل شيء يكون جيد إذا كان بإعتدال.
والاعتدال في القرفة بالتحديد يكون بما يعادل ملعقة واحدة يوميا أيا كانت الطريقة التي ستحصلون بها على القرفة سواء مشروب أو طعام .. إلخ.
وهكذا فإن القرفة إذا تم الإفراط في تناولها، سيكون لها أيضا بعض الأضرار والآثار الجانبية السيئة الناتجة عن ذلك، وهذه الأضرار تتمثل في:
- بسبب احتوائه على كميات عالية من مركب يسمى (الكومارين) وجدت الأبحاث أن الكثير من القرفة بما تحتويه من الكومارين قد يضر الكبد بشكل كبير للغاية.
- أيضا يزيد الإفراط في تناول القرفة من خطر الإصابة بالسرطان وخصوصا سرطان الرئتين والكبد والكلى، وبالرغم من أن العلاقة بين الكومارين والتسبب في السرطان غير واضحة بشكل كامل، إلا أن العلماء يعتقدون أن الكومارين يسبب تلف الحمض النووي مع مرور الوقت، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
- يسبب الإفراط في تناول القرفة لبعض الأشخاص تقرحات في الفم، وقد يحدث ما هو أكثر مثل: (تورم اللسان أو اللثة، إحساس بالحرقان أو الحكة، ظهور بقع بيضاء في الفم).
وفي النهاية تمتعوا بالقرفة، بطعمها اللذيذ بكافة أشكالها .. لكن لا تنسوا الحد الأعلى لها يوميا (ملعقة واحدة).