بني إسرائيل (وتنطق أيضا: بنو إسرائيل)، هم أبناء نبي اللَّهَ يعقوب -عليه السلام-.
فإسرائيل بخلاف انها الاسم الذي تسمي به دولة الكيان الصهيوني، هو ذاته اسم نبي اللَّهَ يعقوب بن إسحاق بن أبو الأنبياء إبراهيم -عليهم السلام-.
من هو إسرائيل؟:
قد يبدو السؤال غريبا، بعدما قلنا أن إسرائيل هو نفسه نبي اللَّهَ يعقوب.
لكن المقصود من هذا السؤال، هو لماذا اطلق عليه اسم (إسرائيل)؟.
باختصار اسم إسرائيل هو اسم عبري יִשְׂרָאֵל معناه (المجاهد مع اللَّهَ)، وقد لقب نبي اللَّهَ يعقوب -عليه السلام- بهذا اللقب بعد انتصاره في مصارعة استمرت حتى الفجر مع خصم مجهول.
من هم قوم بني إسرائيل؟:
أصبح لفظ (بني إسرائيل) مرادفا للأثني عشر سبطا، حتى أنهم يسمون أيضا (القبائل الإثني عشر)، ليتحولوا إلي أمة كاملة من نسل رجل واحد.
وهناك بعض المؤرخين الذين يعتقدون أن أول ذكر لبني إسرائيل كأمة كان في نقش لملك مصر (مرنبتاح) ابن الملك رمسيس الثاني، والذي حكم مصر بين عامي 1227 : 1234 ق.م.
نجح بني إسرائيل في تكوين مملكة كانت تسمي ((مملكة إسرائيل)) استمرت لنحو ثمانين عاما على أرض فلسطين وبالتحديد بين عامي 1050 : 980 قبل الميلاد.
حكم تلك المملكة ثلاثة ملوك هم:
- شاؤول الملك (اسمه في القرآن: طالوت).
- نبي اللَّهَ داود -عليه السلام- الذي نزل عليه كتاب (الزبور).
- نبي اللَّهَ سليمان.
خريطة مملكة إسرائيل الموحدة، يعتقد أن تلك كانت حدودها في عهد نبي اللَّهَ داود، القرن الحادي عشر قبل الميلاد، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons. |
اثني عشر ابنا:
عاش هؤلاء بعد وفاة نبي اللَّهَ موسي -عليه السلام- في أرض كنعان (تشمل اليوم فلسطين ولبنان والأجزاء الغربية من الأردن وسورية)، بحسب النصوص اليهودية بعدما جاءوا إليها وعلى رأسهم النبي (يوشع بن نون).
ولأن نبي اللَّهَ يعقوب -عليه السلام- قد تغير اسمه إلى إسرائيل.. فقد عرفوا باسم بني إسرائيل بدلا من بني يعقوب، وهم بحسب النصوص اليهودية:
"يوسف وبنيامين" إبنا السيدة راحيل، "روبين ويهودا ولاوي وشمعون وزبولون وياساكر" وهم أبنائه من السيدة ليا، و "دان ونفتالي" وهما ابنيه من السيدة بلهة، و "جاد وعشير" ابنيه من السيدة زلفة.
وبالطبع هؤلاء هم أخوة يوسف الذين ذكر القرآن الكريم قصتهم بالتفصيل، وكيف نقموا على أخيهم يوسف، وألقوه في البئر، ومن ثم تدور الأيام، ويصبح هو عزيز مصر، وينتقل بني إسرائيل للعيش في مصر مع أبيهم وأخوهم الذي أرادوا له الغدر والشر.
ما الفرق بين بني إسرائيل واليهود؟:
غلاف كتاب اليهود أنثروبولوجيا، دكتور جمال حمدان، طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب. |
من توضيح أصل بني إسرائيل، يتضح لنا مباشرة علاقتهم باليهود.
فنبي اللَّهَ يعقوب -عليه السلام- كما قلنا هو والد الاسباط الذين ينتسب إليهم اليهود.
إذن فاليهود هم من سلالة بني إسرائيل.
لكن هناك توضيح مهم للغاية ينبغي ذكره هنا، وهو أن هذه الحقيقة أصبحت من التاريخ.
فاليهود الحاليين ليسوا أحفاد اليهود الذين ينتسبون إلى بني إسرائيل، بل هم أقوام اعتنقوا اليهودية بعد ذلك، في حين أن اليهود الأصليين من بني إسرائيل دخلوا في المسيحية والإسلام.
ولعل أبرز من كشف تلك الحقيقة هو المؤرخ وعالم الاجتماع السياسي المصري الراحل (جمال حمدان).
اثبت حمدان تلك الحقيقة في كتاب من أهم كتبه وهو كتاب (اليهود أنثروبولوجيا).
في النهاية، مات جمال حمدان في حادث مريب في شقته في القاهرة، ولاتزال الاتهامات موجهة ضد إسرائيل فيما يتعلق بتدبيرها مقتل حمدان للتخلص من مؤلفاته حولها.
ثيودور هيرتزل، مؤسس الصهيونية، هذا الرجل النمساوي المجري، لا يمكن أن يدعي أحد أنه من نسل بني إسرائيل، صورة له وهو يتطلع إلي نهر الراين من شرفة فندق Les Trois Rois خلال المؤتمر الصهيوني الخامس عام 1901 في بازل، Ephraim Moses Lilien، public domain. |
ذلك لأن أول وأبسط النتائج التي تترتب على التفرقة بين اليهود الحاليين وبني إسرائيل، هو هدم الحجة الأساسية التي يحتج بها الكيان الصهيوني وهو أن أجدادهم كانوا يعيشون على تلك الأرض منذ عشرات القرون.
فإذا ثبت أن اليهود الحاليين ليسوا أحفاد بني إسرائيل سقطت حتى تلك الحجة الواهية أصلا.
أيضا، فإذا انقطعت الصلة بين اليهود حاليا وبين بني إسرائيل، فإنهم سيفقدون كل الدعم الذي يلقونه من جماعات الدعم الغربية والمسيحية (خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي) والذين ينظرون إليهم باعتبارهم بني إسرائيل الذين يستحقون الوعود الواردة لهم في العهد القديم.
بشكل عام لا يمكن لأي شخص منصف، مهما كان اتجاهه الفكري أو العقائدي، أن يتحدث عن أن اليهود الحاليين (من الشرق الأوسط، من شمال إفريقيا، ومن إثيوبيا يهود "الفلاشا"، من وسط آسيا، أمريكا الشمالية، روسيا، أمريكا اللاتينية) جميعهم ينحدرون من أصل بني إسرائيل.
حتى أنك لو اطلعت على الموقع الرسمي للقنصلية العامة لإسرائيل في شمال غرب المحيط الهادئ سان فرانسيسكو، لوجدت أنهم يعرفون إسرائيل بأنها مجتمع يضم أكثر من 8 ملايين مواطن من العديد من الخلفيات العرقية والدينية والثقافية والاجتماعية أو كما يصفونها (فسيفساء من الناس).
كذلك الحال في (الموسوعة البريطانية) التي تصف الإسرائيليين بأنهم شعب مختلف من حيث أصلهم العرقي وثقافتهم.
من الناحية التاريخية كذلك، فهناك أمة كاملة تسمي (الخزر) وهي أمة من أصول تركية كانت تقيم دولة كبيرة في وسط آسيا في القرون الوسطى.
هذه الأمة تهودت بشكل كامل بالتحديد في القرن الثامن الميلادي، وهم قوم لا صلة تربطهم ببني إسرائيل، ومنهم معظم من هاجر إلى فلسطين المحتلة منذ نهاية القرن التاسع عشر قادمين من روسيا وأوكرانيا ودول شرق أوروبا الذين تشتتوا فيها بعد انهيار مملكتهم في القرن الثالث عشر على يد الروس.
وبالتالي تكون النتيجة الطبيعية أنه لا يمكن لهؤلاء الإدعاء بأنهم أحفاد بني إسرائيل.
العلاقة بين بني إسرائيل والعرب:
ما تبقي في يومنا هذا من حصون يهود خيبر ومساكنهم، Hardscarf، (CC BY-SA 4.0)، via wikimedia commons. |
بين العرب وبني إسرائيل الأصليين علاقة قرابة شديدة للغاية، فهم حرفيا (أبناء عم).
ذلك لأن العرب هم أبناء نبي اللَّهَ إسماعيل -عليه السلام- وهو ابن نبي اللَّهَ إبراهيم -عليه السلام- من زوجته السيدة هاجر المصرية.
أما بني إسرائيل فكما قلنا هم أبناء نبي اللَّهَ يعقوب الذي هو ابن نبي اللَّهَ اسحاق -عليهما السلام- وهو بذلك يكون حفيد نبي اللَّهَ إبراهيم -عليه السلام- من زوجته السيدة سارة.
بمرور التاريخ، اعتنقت عددا من القبائل العربية اليهودية، هؤلاء يعتبرون (يهود) لكن ليسوا من (بني إسرائيل).
ومن أبرز القبائل العربية التي اعتنقت اليهودية، هي تلك القبائل التي استقرت في يثرب (لاحقا المدينة المنورة)، ونقضت عهدها مع النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم، وخاضوا عدة معارك ضده انتهت بجلائهم تماما عن شبه الجزيرة العربية.
ومنها: (بني القينقاع، بني قريظة، بني النضير).
لكننا نذكر هنا مرة أخرى إلى الخطورة الشديدة للخلط بين بني إسرائيل الأصليين، وبين اليهود الحاليين.
ذلك الخلط الذي وقع فيه (فيصل بن الحسين الهاشمي) في حديثه مع (فيلكس فرانكفورتر) وهو قاضي أمريكي يهودي عام 1919، حين قال: "إن العرب واليهود أبناء عم من الناحية العنصرية، إننا سنرحب باليهود ترحيبا قلبيا في عودتهم إلى البلاد .. وهناك مجال في سوريا يتسع لنا جميعا".
بني إسرائيل بلا حضارة:
الطبيب والكاتب الفرنسي الشهير غوستاف لوبون، Gallica Digital Library، Jean-Nicolas Truchelut، public domain. |
في كتابه الهام (اليهود في تاريخ الحضارات الأولى) ذهب الفيلسوف الفرنسي الكبير (غوستاف لوبون) إلي أن اليهود لم يكن لهم فنون ولا علوم ولا صناعة ولا أي شيء تقوم به الحضارة.
فيقول عنهم: (قدماء اليهود.لم يجاوزوا أطوار الحضارة السفلى التي لا تكاد تميز من طور الوحشية، وعندما خرج هؤلاء البدو الذين لا أثر للثقافة فيهم من باديتهم ليستقروا بفلسطين، وجدوا أنفسهم أمام أمم قوية متمدنة منذ زمن طويل، فكان أمرهم كأمر جميع العروق الدنيا التي تكون في أحوال مماثلة، فلن يقتبسوا من تلك الأمم العليا سوى أخس ما في حضارتها، أي لم يقتبسوا غير عيوبها وعاداتها الضارية، ودعارتها وخرافاتها).
تتضارب تلك النظرة، مع المحاولات المتكررة لتصوير اليهود كجزء أساسي من حضارة العالم وأنهم شركاء فيما وصل إليه من علوم وتكنولوجيا.
نهاية بني إسرائيل:
نجد أن النص القرآني الكريم قد استخدم لفظ بني إسرائيل مع بني إسرائيل الأصليين، بل وحتى اليهود الحاليين برغم الاختلاف في العرق بينهما.. ولعل ذلك يرجع إلى أن كليهما اتسموا بنفس الصفات، حتى مع اختلاف الأصول.
فنجد قول الحق -سبحانه وتعالى- في الآيات من 4 : 7 في سورة الإسراء:
وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7).
ففي هذه الآيات إخبار لبني إسرائيل أنهم سيكونون أقوى من حيث القوة العسكرية في نهاية الزمان وبالقرب من الآخرة، وهو ما نراه اليوم من تفوق عسكري واضح لإسرائيل على الدول العربية.
لكن النهاية محتومة أيضا، بالوعد الحق بإسترداد المسجد الأقصى من أيديهم... فإنتظروا فإننا منتظرين.