هجمات ١١ / ٩، أو هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إنه الحدث الذي غير التاريخ بالفعل، فلم تعد الكثير من الأشياء بعده كما كانت قبله.
الدخان يتصاعد من برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عقب اصطدام الطائرات طراز بوينغ-٧٦٧ بهما، صباح ١١ سبتمبر ٢٠٠١، Flickr user Michael Foran، (CC BY 2.0), via wikimedia commons. |
نادرا ما غيرت أحداث يوم واحد فقط التاريخ كله وأعطت مساره اتجاهًا جديدًا.
لكن أحداثا وقعت في غضون ١٠٢ دقيقة فقط من صباح يوم الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠٠١ بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، كانت كفيلة بذلك.
يومها وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في أرلينغتون، فيرجينيا.
مر اليوم أكثر من اثنين وعشرين عاما على تلك الهجمات، خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن في ذكراها ليؤكد أن بلاده لن تنساها، وعلى هذا كان علينا أيضا أن لا ننسي، بل نبحث عن ما حدث وسط أطنان مما كتب عنه بكل لغات العالم تقريبا.
العالم كله ينظر:
فجأة، توقفت كافة البرامج التلفزيونية في العالم، انتقل الجميع لمتابعة بث مباشر لما يحدث في هذا اليوم العصيب.
طائرات ركاب مدنية تهاجم برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، أدرك الجميع أن أمريكا تحت الهجوم... لكن لربما كان الوقت مبكرا ليستطيع أحد ما أن يتخيل مدى تأثير ما يشاهده على مستقبل العالم، العالم كله.
للمفارقة، لم يكن ذلك هجوم تنظيم القاعدة الأول في الداخل الأمريكي، فقبل أكثر من ثمانية سنوات من هجمات ١١ / ٩، هاجمت القاعدة في نفس المكان وضد ذات الهدف (برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك).
انفجار ضخم، نتيجة قنبلة هائلة وضعها أفراد تابعين لتنظيم القاعدة في الطابق السفلي من مرآب السيارات ببرج التجارة العالمي، كانت سببا في أكبر هجوم إرهابي ضد الولايات المتحدة الأمريكية حتى الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١، لكن البرجين صمدا ونجا ((للتفاصيل الكاملة يمكنكم الإطلاع على تقريرنا: هجوم تنظيم القاعدة الأول علي مركز التجارة العالمي في نيويورك وتفجيره عام ١٩٩٣)).
كان تكرار الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي مفهوما، إنه رمز القوة المالية والتجارية للولايات المتحدة، وبضرب البنتاجون معه كرمز للقوة العسكرية الأمريكية، تكون القاعدة قد أهانت القوة العظمى في العالم.
صورة للحدث فورا عقب إنهيار المبني رقم ١ من برجي التجارة العالمي في نيويورك، Wally Gobetz، (CC BY 2.0)، via wikimedia commons. |
الاختلاف هذه المرة أن تنظيم القاعدة أراد تنفيذ هجوما أوسع نطاقا بكثير، لذا تم التفكير في اختطاف طائرات مدنية تستخدم في تنفيذ الهجمات، وبالفعل نجحوا في خطف أربع طائرات كانت في رحلات من شمال شرق الولايات المتحدة إلى ولاية كاليفورنيا.
طائرة رحلة الخطوط الجوية الأمريكية رقم ١١ American Airlines flight 11، هاجمت البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي، في حين هوجم البرج الجنوبي بواسطة الرحلة رقم ١٧٥ التابعة للخطوط الجوية المتحدة United Airlines flight 175.
أما الهجوم على مبني البنتاجون، فقد نفذته طائرة الرحلة رقم ٧٧ التابعة للخطوط الجوية الأمريكية American Airlines flight 77.
هرمجدون:
داخل غرفة عمليات إدارة الطيران الأمريكية صدر قرار فوري بتعطيل حركة الطائرات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، أغلقت كل الطائرات المدنية محركاتها وبقيت ساكنة على الأرض، في حين انطلق طياري سلاحي الجو والبحرية الأمريكية للعمل.
في غضون ذلك الوقت، كانت طائرة رابعة كان المهاجمون قد سيطروا عليها قد تحطمت في حقل فارغ في شانكسفيل، بولاية بنسلفانيا على بعد ٢٠ دقيقة فقط من واشنطن العاصمة.
الطائرة الرابعة كانت طائرة الرحلة رقم ٩٣ التابعة للخطوط الجوية المتحدة United Airlines flight 93. والتي قصد خاطفوها ضرب مبنى الكابيتول (الكونغرس) الأمريكي بحسب بعض المصادر ومصادر أخرى رجحت أنها كانت ستضرب البيت الأبيض في واشنطن العاصمة.
لكن ثورة الركاب المخطوفين وطاقم الطائرة على خاطفيهم أدت إلى سقوطها وتحطمها في أحد الحقول.
عقب الهجوم على البرجين، انهارا واحدا تلو الآخر، مشاهدوا التلفزيون حول العالم تابعوا انهيار المباني في الوقت الفعلي... أما الوقت الفاصل بين الاصطدام والانهيار، التقطت عدسات الكاميرات الكثير من المحاصرين في أعلى البرجين بسبب النيران، التقطتهم وهم يلقون بأنفسهم من ارتفاعات شاهقة.
رسم توضيحي للهجوم على البرجين في الحادي عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١، MesserWoland، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons. |
في هذه اللحظة بالتحديد شعر الكثيرون أن هرمجدون، أو معركة نهاية العالم قد بدأت بالفعل.
سيمر بعض الوقت حتى تحصي أمريكا الضحايا، كان الرقم مخيفا، نحو ٣٠٠٠ آلاف قتيل (بالضبط ٢٩٧٧ قتيل)، لم يكونوا أمريكيين فحسب، بل توزعت جنسياتهم على ٩٣ دولة حول العالم، كانت كارثة عالمية.
معظم القتلى سقطوا في الهجمات على مركز التجارة العالمي. في حين خسر البنتاغون ١٨٤ من المدنيين والعسكريين العاملين فيه، وقتل ٤٠ شخصًا على متن الرحلة ٩٣.
إنه أول وأسوأ هجوم يصل إلى عقر دار أمريكا منذ ذلك اليوم البعيد في ٧ ديسمبر ١٩٤١، حينما شن اليابانيون هجوما على بيرل هاربر بهدف تدمير الأسطول الأمريكي، لتعلن الولايات المتحدة في اليوم التالي مباشرة دخولها الحرب العالمية الثانية رسميا.
لا يمكن هنا أن نغفل أنه ووسط حالة الفوضي العارمة التي سادت نيويورك على وجه الخصوص، حيث كان الدمار واسع النطاق، والناس مذهولين مما يرونه، فإن العديد من رجال الشرطة والإطفاء الأمريكيين قاموا بجهود جبارة لمساعدة الناس وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لقد قدر عدد الضحايا ٣٤٨ من رجال الإطفاء بنسبة تزيد عن ١٠٪ من الضحايا، توفي الكثير منهم إثر انهيار البرج الجنوبي ، الأمر الذي فاجأ رجال الإنقاذ.
هناك أيضًا ٦٢ ضابط ورجل شرطة ماتوا داخل أو عند سفح البرجين التوأمين، بما في ذلك عضو في الخدمة السرية وعضو في مكتب التحقيقات الفيدرالي، و٢٠ مسؤولًا يعملون في هيئة ميناء نيويورك ونيوجيرسي (الإدارة التي تمتلك مبني التجارة العالمي) أو ولاية نيويورك، بجانب ١٠ من عمال الإنقاذ العاملين في القطاع الخاص، بالإضافة إلى كلب بوليسي.
كان ملفتا للنظر أيضا أن حكومات دول تعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية ((ليست صديقة وأحيانا معادية)) قد أدانت "الهجوم الإرهابي" من أهمها كوريا الشمالية وسوريا.
رجال أطفاء يأخذون قسطا من الراحة بعد مجهودهم الشاق لإزالة آثار هجوم ١١ سبتمبر، صورة من سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي، U.S. Army Corps of Engineers، No Copyright، via Flickr. |
إلى يومنا هذا، تعيش الولايات المتحدة الأمريكية، أحد رموز الديمقراطية والحرية في العالم، تعيش في حالة (الطوارئ الوطنية) ويمددها الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين على الحكم كل ٩٠ يوما، والسبب هو: (استمرار تواجد خطر الإرهاب).
بخلاف حالة الطوارئ، دخلت إلى النفسية الأمريكية عوامل لم تكن تصدق من قبل أن يفكر فيها سكان الدولة صاحبة أكبر عدد من الجامعات المتطورة والابتكارات التكنولوجية والتفكير العلمي.
لقد بحث الأمريكيين حتى في أوراق العرافين والدجالين، ومن أبرزهم العرافة البلغارية العمياء (بابا فانجا) والتي قيل فجأة أنها قد تنبأت بوقوع هجمات ١١ سبتمبر على برجي التجارة العالمي، عندما قالت أن الأمريكيين سيسقطون بعدما تهاجمهم الطيور الفولاذية.
أسماء وجنسيات المنفذين:
وفقا لأرقام مكتب المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI، نفذ ١٩ شخص هجمات ١١ سبتمبر/ أيلول، بخلاف هؤلاء كان فريق من المخططين، لعل من أبرزهم جميعا:
- محمد عطا: مصر: وفقا لرواية والده فإن أبنه اتصل به بعد وقوع الهجوم بساعات، وينفي الأب أن يكون لأبنه أي علاقة بالهجمات، وظل مصمما على اتهام الحكومة الأمريكية باختطافه. وبحسب الرواية الرسمية الأمريكية فقد كان عطا أهم منفذي الهجوم، والقائد الميداني الذي أختار الأهداف، وقاد بنفسه طائرة هاجم بها أحد برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك.
- نواف الحازمي: المملكة العربية السعودية، منفذ الهجوم على البنتاجون.
- خالد المحضار: المملكة العربية السعودية، منفذ الهجوم على البنتاجون.
- خالد شيخ محمد: باكستان، مخطط رئيسي للهجمات، اعتقلته القوات الأمريكية في أفغانستان عام ٢٠٠٣، وفي عام ٢٠٠٨ صدر ضده حكم بالاعدام لكنه لم ينفذ لان شهادته جاءت تحت التعذيب الشديد في معتقل غوانتانامو، ستتم إعادة محاكمته والتي تم تأجيلها أكثر من مرة لأكثر من سبب كان من بينها جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩).
نظريات المؤامرة:
سريعا ما بدأت نظريات المؤامرة تنتشر بشأن هجمات ١١ / ٩.
لكن كيف ذلك وقد تأكد الجميع أن المخططين والمنفذين هم مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة؟.
لقطة شاشة من برنامج سري للغاية، حلقة أجراس الخطر، الجزء الثاني من تحقيق أجراه الإعلامي المصري يسري فودة. |
أحد الإجابات عن هذا السؤال جاءت كجزء من خاتمة تحقيق من جزئين أذاعته (قناة الجزيرة) في سلسلة (سري للغاية) التي كان يقدمها الإعلامي المصري (يسري فودة).
قال فودة: ((فرغم أننا استطعنا من خلال هذا التحقيق أن نقطع الشك باليقين فيمن أراد ثم خطط ثم نجح في أن يصفع الإدارة الأمريكية صفعة مدوية على أرض أمريكية أمام العالم كله، فإننا لسنا متأكدين بعد من أن أحدا ما في هذا البلد -يقصد الولايات المتحدة الأمريكية- لم يمانع في الواقع في الانحناء ولو قليلا لتلقي هذه الصفعة، كي ينطلق منها إلى ركل ورفس في كل زاوية دون رادع)).
وإذا كان ذلك تحليلا عربيا، فإن العديد من الناس العاديين في الغرب عموما وفي أمريكا خصوصا يطرحون نفس النظرة.
لدينا أيضا صحيفة لوموند (Le Monde) أشهر صحف فرنسا التي نشرت تحليلا لنظريات المؤامرة بشأن ١١ سبتمبر، كان رأيه أن أجهزة الأمن الأمريكية توصلت لمعلومات بأن تنظيم القاعدة يخطط لشن هجمات داخل أمريكا، وأن الطائرات المدنية قد تكون وسيلته في ذلك.
تحقيق الكونجرس الأمريكي نفسه خلص إلى ذات النتيجة، وإن برر فشل إيقاف الهجوم بأن "الإرهابيين استغلوا الخلل المؤسسي العميق لحكومتنا".
لدينا أيضا كتاب بعنوان: ((لن تسمع هذا في وسائل الإعلام: هجمات 11 سبتمبر - لماذا الرواية الرسمية غير صحيحة؟)) للمؤلف الإسرائيلي "درور اسار"، إنه مجموعة من الأسئلة والمعلومات العامة التي تجعل القارىء يشعر وكأن الهجمات كانت مدبرة بواسطة الحكومة الأمريكية نفسها.
على سبيل المثال يحدثنا عن المبنى رقم سبعة الذي انهار بعد سبع ساعات ونصف وهو يسأل كيف ينهار هذا المبني الذي يبعد عن البرجين ١٠٦ متر؟.. بل ويذهب لأبعد من ذلك للقول بأن ما شاهده العالم كله على شاشات التلفاز كان مصورا بخدع تلفزيونية من تصميم هوليوود، وأن العديد من شهود العيان في ذلك اليوم لم يشاهدوا أي طائرات تهاجم المبني؟.
غرق "درور اسار" في نظريات المؤامرة التي طرحها في كتابه، إلى حد القول بأن الأبراج تم تفجيرها بمتفجرات كانت موضوعة بداخلها، وأن قوانين الفيزياء تمنع اصطدام الطائرات بالبرجين بهذا الشكل.
وننتقل من الكتاب إلى نظرية مؤامرة أخرى، يسأل أصحابها، كيف لم تتمكن الدفاعات الجوية الأمريكية سواء الأرضية أو مقاتلات سلاح الجو الأمريكي من إسقاط هذه الطائرات.
هناك رد أمريكي على هذه النقطة مفاده أن الخاطفين صعبوا مهمة رصد الطائرات بعد قطعهم أجهزة الاتصال بها، وإن كان ذلك يمكن الرد عليه بأن أجهزة الرادار والرصد الأمريكية المتطورة على متن المقاتلات وكذلك الرادارات الأرضية.
سبب آخر تمثل في أن الأمريكيين لم يتخيلوا وقوع هجوم مثل هذا على أرضهم، فلم تكن أيا من مئات المقاتلات التي انطلقت خلف الطائرات المختطفة جاهزة للإقلاع وقت صدرت لها الأوامر بذلك، واحتاجت وقتا لتسليحها وتزويدها بالوقود.
السبب الثالث تمثل فيما قيل عن أن بعض الخاطفين تواصلوا لاسلكيا مع أبراج المراقبة وأعطوهم معلومات خاطئة تفيد برغبتهم في الهبوط، ما جعل هناك حالة من عدم اليقين منعت من إصدار الأوامر بإسقاط الطائرات التي تقل مدنيين على متنها.
لكن أنصار هذه النظرية بالتحديد يتمسكون بأن هناك فارق امتد ١٦ دقيقة بين الهجوم على البرج الأول والبرج الثاني، كان من الممكن خلالها إسقاط الطائرة الثانية، وهو الأمر الذي لم يحدث.
لماذا وقعت هجمات ١١ سبتمبر:
كان أحد أبرز الأسئلة المتعلقة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، هو ما السبب الذي دفع مجموعة من الشباب أحدهم يحمل شهادات دراسات عليا في الهندسة، وبعضهم من عائلات شديدة الثراء في تنفيذ هذا الهجوم الذي سيموتون فيه، ومعهم سيقتلون آلاف الناس الذين لا يعرفونهم.
ظهرت إجابات من قبيل أنه هجوم غير مفهوم السبب، أو أنه عمل جنوني إرهابي محض، لكنها بقيت إجابات ناقصة، لا معني حقيقي بها، بل بدت نفسها إجابات غامضة أو لغز وليست إجابة شافية.
هذا هو السؤال الذي يجب على شركائنا في الإنسانية، وأمثالنا من بني البشر من الغربيين التفكير فيه بصدق وإخلاص، ما سبب هذه المذبحة؟.
محمد عطا، أو محمد الأمير، أهم منفذي هجوم ١١ سبتمبر، كان عطا حاصلا على درجة الماجستير في الهندسة من ألمانيا، صورة من مواقع التواصل الاجتماعي. |
هل كان منطق الفاعلين هو الانتقام من الولايات المتحدة على خلفية دعمها لإسرائيل ضد العرب؟.. إسرائيل التي لم تتوقف عن المذابح بدعم أمريكي منذ عام ١٩٤٨ .. هل كانت مواقفها الطويلة في الكثير من الملفات التي شعرت فيها الكثير من الشعوب أن الولايات المتحدة قد ظلمتهم؟.
ظل سؤال كيف نجح اسامة بن لادن المولود عام ١٩٥٧ لرجل أعمال من أثري أثرياء السعودية ..والذي تحول من (مجاهد ضد السوفييت) في قاموس مصطلحات السياسة الأمريكية إلى (الإرهابي الأول عالميا) .. كيف نجح في اقناع هؤلاء الشباب في تنفيذ هذه الهجمات الدامية؟.
من أهم الأسباب التي قيلت فيما يتعلق بنظريات المؤامرة حول هجمات ١١ سبتمبر، هو ما إثير بشأن رغبة شركات النفط الأمريكية في التوغل في الشرق الأوسط والسيطرة على النفط هناك، وهو ما حدث بالفعل مع العراق، وإبقاء القوات الأمريكية في الخليج كحارسة لمصالح الشركات الأمريكية هناك في باقي دول الخليج العربية.
أمر كهذا كان يحتاج لمبرر كبير لبدء غزو العراق التي لم تتهم أصلا بالوقوف وراء الهجمات، ولكن العالم كله يومها لم يجرؤ أن يعترض طريق الأمريكيين، فإما أنت معهم أو ضدهم.
في بحثنا هذا، وصلنا حتى للمناقشات التي دارت في المنتديات الصينية، ومنها منتدى Zhihu الشهير الذي يقوم أساسا على فكرة طرح سؤال وتلقي إجابات الناس عليه.
يقول رجل صيني واصفا ما شعر به يوم الهجوم وهو كان لا يزال طفلا يومها: ((عندما رأيت الصورة أمام التلفزيون ، لم آخذ الكثير من الوقت حتى أشعر بالشماتة ، شعرت وكأنني كنت أحلم في نشوة)).
ما السبب الداخلي الذي قد يدفع طفلا صيني لتكون أفكاره الداخلية بهذا الكم من الحقد الداخلي الذي يدفعه للنشوة وأطفال مثله يموتون على الجانب الآخر من العالم؟.
ما قد يكون مهما في هذه المناقشة التي دارت بين مئات المواطنين الصينيين على شبكة الإنترنت، أنها قد طرحت سؤالا رئيسيا كان سؤالا غاية في الأهمية، وهو أنه وفي سعي الصين لتصبح قوة عالمية، كيف يمكن للصين أن تتجنب هجمات ١١ / ٩ ضد الصين هذه المرة؟... إذن يريد الصينيين البحث والتفتيش عن الأسباب واجتنبائها، فهل لدي الغرب ذات الرغبة؟.
حربا مقدسة:
ستشن الولايات المتحدة الأمريكية حربا مقدسة كنوع من الانتقام.
في غضون أقل من عامين، ستغزو بلدين مسلمين هما أفغانستان في غضون أقل من شهر (بالتحديد ٧ أكتوبر ٢٠٠١)، والعراق في عام ٢٠٠٣، في عهدة الرئيس جورج دبليو بوش.
ستنسحب أمريكا في نهاية المطاف بشكل مذل في ١٥ أغسطس ٢٠٢١ بعد ١٠ أعوام من القتال في أفغانستان، سيدخل تنظيم طالبان نفسه العاصمة كابل، حيث سيساعد في إجلاء فوضوي القوات الدولية ورعاياها وعديد من المتعاونين الأفغان.
أما العراق، فسيتضح فيما بعد أن المعلومات التي قادت أمريكا بموجبها تحالفا دوليا لغزوها في العام ٢٠٠٣، سيتضح أنها كانت معلومات خاطئة بشكل كامل.
بالرغم من أن جورج دبليو بوش نفسه أعلن أنه يحترم الإسلام، ولا يقاتل إلا الإرهابيين، تسبب الإعلام (ومنه وسائل إعلام مغرضة بل وممولة لهذا الهدف بالتحديد، تسبب في زيادة التعصب والكراهية ضد المسلمين، وزادت نسب الإسلامفوبيا).
يحدث هذا بالرغم من أن المسلم الوحيد الذي مات في هجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١، كان مهندس الصوت والصورة اليمني الحنسية (عبدالسلام ملاحي)، والذي جاءت الكثير من الروايات لتجمع على أنه كان يحاول إنقاذ الآخرين قبل أن ينهار البرج.
بالدموع والصمت والصلاة على أرواح من ماتوا يوم الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ (سبعة من الضحايا كانوا مسلمين وعرب منهم يمني ومصري وأردنيين و٤ لبنانيين)، يجب أن نقف جميعا نحن بني البشر، نذكرهم كل عام، وحين نذكرهم، فإن الشرف والنبل الإنساني يدفع الغربيين لكي يتذكروا هم أيضا ضحاياهم المباشرين في العراق وافغانستان، وبالتواطُؤ في فلسطين وسوريا.