إلبيت سيستمز هرمز ٩٠٠، (تنطق أيضا إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠، وسنستخدم كلا الأسمين في تقريرنا عنها)، طائرة إسرائيلية بدون طيار، تعد واحدة من أفضل ما ينتجه الكيان الصهيوني من هذا النوع من الطائرات، وبواقعية فهي واحدة من أفضل طائرات الاستطلاع بدون طيار في العالم.
طائرة هيرميس ٩٠٠ في مرحلة الإقلاع، Ronite، (CC BY-SA 4.0)، via wikimedia commons. |
فطائرات إلبت هرمز ٩٠٠ مزودة بمجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار عالية الأداء، التي تمكنها من رصد الأهداف على مدى طيفي واسع¹.
سر الاسم "هيرميس":
اختار الإسرائيليين لطائرتهم اسم هيرميس أو هرمز، ولهذه التسمية بالتحديد حكاية تاريخية بها نوع من التسلية.
فبرغم من شهرة الاسم عالميا لارتباطه بماركة سلع فرنسية فاخرة تنتج السلع الجلدية والاكسسورات والعطور والمجوهرات والساعات منذ القرن التاسع عشر، إلا إن الإسرائيليين لم يكونوا قاصدين لتلك الماركة، الأمر أقدم بكثير، ويعود بالتحديد إلى الحضارة اليونانية القديمة.
بحسب الموسوعة البريطانية Brittanica، فإن هيرميس Hermes، كان إلها من آلهة اليونانيين القدماء، فهو إبن الإله زيوس، وارتبط اسمه دوما بالحماية.
كان هيرميس يذكر دوما بأنه من يحمي الأغنام والماشية، ويحرس التجار والمسافرين والسفن التجارية، ويتصف بالقدرة على التحرك السريع بين عالم آلهة الآغريق وبين العالم البشري.
هذه الصفات التي اتسم بها هيرميس في معتقدات اليونانيين القدامى، هي بالتحديد ما دفعت الإسرائيليين ليطلقوا على طائرتهم اسم هيرميس ٩٠٠، لعلها تكون بمنزلة الآلهة بين الطائرات بدون طيار.
وبجانب هيرميس أو إلبت هرمز ٩٠٠، هناك اسم آخر للطائرة يستخدم في إسرائيل، أقرب ما يكون في حقيقته لكي يكون لقبها وهو (النجمة) وتنطق بالعبرية (كوخاف).
عن الطائرة بدون طيار إلبت هرمز ٩٠٠:
صممت الطائرة إلبت هرمز ٩٠٠ أصلا من أجل تنفيذ مهام تعرف ب (ISTAR)، إنها مهام جمع المعلومات الاستخبارية بشكل مستمر من أرض المعركة، مراقبة الأهداف، الاستحواذ على الهدف (يقصد بالاستحواذ هنا وضع الهدف في مرمي الصواريخ والقنابل الدقيقة التي تحملها منصات الأسلحة الصديقة للطائرة لكي تصيبه بدقة)، وكذلك تنفيذ مهام الإستطلاع.
هيرميس ٩٠٠، credit author: Nehemia Gershuni-Aylho، (CC BY-SA 3.0)، via wikimedia commons. |
بخلاف طريقة الرصد المميزة التي تعمل بها إلبيت هيرميس ٩٠٠، فإنها قادرة في الوقت نفسه على رصد أهدافها من على مسافات كبيرة، وتستطيع الطيران لعدد ساعات طويل، ما يجعلها أشبه بمنظومة رصد طائرة في السماء تكشف ساحة المعركة.
إننا نتحدث أيضا عن خليفة الطائرة بدون طيار إلبت هرمز ٤٥٠ أو Hermes 450، التي تعد بحق واحدة من أكثر الطائرات بدون طيار انتشارا حول العالم.
وتقول شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية المصنعة للطائرة أن هرمز ٩٠٠ احتفظت بالصفات الأصيلة واللبنات الأساسية الناضجة لسابقتها إلبيت هرمز ٤٥٠ .. Hermes 450، والتي أكسبتها واحدة من أعلى مستويات الصلاحية للطيران، وجعلت الطائرات من هذا الطراز تكسر رقم ٣٠٠،٠٠٠ ساعة طيران داخل وخارج إسرائيل في الدول التي اشترتها.
لذا وبشكل عام، فإن الطائرة بدون طيار إلبيت سيستمز هرمز ٩٠٠ تصنف باعتبارها (طائرة تكتيكية متعددة المهام، متوسطة إرتفاع الطيران، بعيدة المدى)، تنتمي إلى الجيل الجديد من الطائرات بدون طيار، ويعبر عن كل ذلك اختصارا باللغة الإنجليزية في عالم الطائرات بدون طيار MALE.
إنها ذات الفئة التي ينتمي إليها على سبيل المثال واحدة من أفضل الطائرات الأمريكية بدون طيار وأكثرها تطورا، وهي الطائرة بدون طيار جنرال أتوميكس MQ-1C جراي إيجل .. النسر الرمادي، التي رفضت أمريكا حتى الآن بيعها لأوكرانيا رغم مطالبات الأوكرانيين العديدة والمتكررة للحصول على الطائرة لمواجهة القوات الروسية.
زود الإسرائيليين طائرات إلبت هرمز ٩٠٠، برادار من فئة الرادارات ذات الفتحة التركيبية أو الفتحة الاصطناعية أو (SAR)، وهي أجهزة رادار قادرة على رسم صور ثلاثية الأبعاد للهدف، كما أنها لا تتأثر لا بأشعة الشمس ولا بالغيوم والسحب، ما يجعل الطائرة بالفعل قادرة على العمل في أي طقس، وهذه ميزة مهمة للغاية.
وبشكل عام تستطيع الطائرات إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠ أن تعمل في مختلف الظروف الجوية، مهما كانت قاسية أو معاكسة لظروف الطيران، وهذه نقطة مهمة للغاية في المعركة، فلا يتأخر تنفيذ المهام بسبب الطقس.
طائرات إلبت هرمز ٩٠٠ .. Hermes 900 مزودة كذلك بأجهزة استشعار ورصد تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وكذلك أجهزة تعمل بنظام الرصد والاستشعار "الكهرو-بصرية".
الطائرة بدون طيار إلبت هرمز 900، عين إسرائيل وسنترالها الطائر taken by the Israel Defense Forces، Public domain، CC BY-SA 3.0، via wikimedia commons. |
وأنظمة الاستشعار الكهرو-بصرية هي أنظمة رصد سلبية، بمعني أنها لا تعتمد علي الرادار في الرصد والتوجيه وكذلك لا يصدر عنها طاقة يمكن كشفها بوسائل الكشف المتعددة، مما يمكن الطائرة من إغلاق الرادار الخاص بها والاعتماد على أجهزة الاستشعار الكهرو-بصرية، وبالتالي فهي صعبة الكشف بواسطة وسائل الدفاع الجوي، بينما تتجول هي بحثا عن أهدافها.
فالفكرة الاساسية لهذه الانظمة أنها لا ينبعث منها شيء، بل هي التي تجمع الضوء أو التغييرات فيه، وتحوله إلي إشارات إلكترونية تفسر هذا الضوء.
هيرميس ٩٠٠ .. الطائرة الجوكر:
دائما ما يحلو لمعلقي كرة القدم وصف أي لاعب يستطيع اللعب في أكثر من مركز بأنه (لاعب جوكر) .. وربما تستحق طائرات إلبيت هيرميس ٩٠٠ وبشدة وصف أنها طائرة جوكر.
فبجانب مهامها الرئيسية في الرصد والاستطلاع، تعد إلبت هرمز ٩٠٠ بمثابة محطة اتصالات طائرة، وجسر التواصل بين مختلف الوحدات في ساحات القتال.
فمما تتميز به أيضا طائرات إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠، قدرتها على العمل بشكل متكامل مع منصات الأسلحة الأخرى في الجيش الذي تعمل به.
فمثلا، لو رصدت الطائرة هيرميس ٩٠٠ هدفا بريا (دبابة أو بطارية مدفعية على سبيل المثال)، يمكنها أن تقوم بتسليم البيانات والصور والفيديوهات التي تقوم بجمعها في نفس الوقت إلى طائرة صديقة لها، فتتمكن هذه الطائرة من ضرب الهدف.
ويتكرر هذا السيناريو كذلك بالنسبة للأهداف البحرية، إذ تجدر الإشارة إلى أن الطائرة ينتج منها نسخة خاصة للاستطلاع البحري تحت اسم (طائرة الدورية البحرية إلبت هرمز ٩٠٠) HermesTM 900 Maritime Patrol.
بخلاف هذا كله، فطائرات إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠، مزودة بما يعرف باسم (روابط البيانات المشتركة) أو Common Data Links.
تلك الروابط مهمتها أن تتحول الطائرة إلى منصة لتبادل المعلومات وكذلك ترحيل الاتصالات بين القوات الصديقة.
فعلى سبيل المثال، لو افترضنا وجود سفينة قامت بإبرار قوة خاصة إلى شاطئ معادي، وأصبحت المسافة بين القوة وبين السفينة بعيدة ولا يمكن تحقيق الاتصال بينهما، في هذه الحالة تحضر إلبت هرمز ٩٠٠، وتقوم بالتوصيل بين الطرفين.
مثال آخر يبين فائدة واستخدامات (روابط البيانات المشتركة) أو Common Data Links، فلو تخيلنا أن سفينة ما تحاول الاقتراب من الشاطئ المعادي لتنفيذ هجوم ما، لكن القوات التي تستطلع الشاطئ رصدت وجود منصة صواريخ دفاع ساحلي معادية، لكن السفينة بعيدة عنها، ولا تستطيع إبلاغها.
فلو كان هناك أي طائرة هيرميس ٩٠٠ بينهما، فيمكن لها أن تتلقي المعلومات من قوات الإستطلاع، وتنقلها إلى السفينة التي تخطط للهجوم فتقوم بتجنب الدفاعات الساحلية أو ضربها.
وبفضل Ground Moving Target Indicator (GMTI) أو ما يترجم في اللغة العربية إلى (مؤشر الهدف المتحرك الأرضي)، تستطيع طائرات إلبيت هيرميس ٩٠٠، أن تكون مفيدة جدا في ساحة المعركة التي تقترب فيها القوات المتحاربة من بعضها البعض إلى حد التداخل والقتال المتلاحم، وكذلك في حالات القتال داخل المدن والمناطق السكنية.
فهذا المؤشر يجعل الرادار قادر على التقاط الهدف من وسط هذه الفوضي، لتقوم الطائرات المسلحة أو حتى الوحدات الأرضية أو البرية بضربه، وذلك لأن هيرميس ٩٠٠ في الجو تواصل الإمساك به وتحديد موقعه بدقة حتى مع إستمراره في التحرك.
هذا ويتم قيادة طائرات إلبت هرمز ٩٠٠ بواسطة طياريين مدربين على التحكم الكامل بها من داخل مقرات أرضية متحركة، أو غرف عمليات ثابتة، أو حتى من على متن السفن.
وبعد كل هذا، فلا يمكن أن نغفل ذكر أن طائرات إلبيت هيرميس ٩٠٠ قادرة على الاتصال بالاقمار الصناعية أيضا.
بلا شك تعد طائرات إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠ طائرة ذات قدرات تكنولوجية هائلة، Public domain، IDF Spokesperson's Unit photographer، CC BY-SA 3.0، via wikimedia commons. |
بخلاف كل تلك القدرات، فإن وجود طائرات إلبيت هيرميس ٩٠٠ في الجو، يعني وجود جاسوس طائر، فمع امتلاكها أنظمة COMINT، تستطيع هذه الطائرة اعتراض وتحليل الاتصالات الراديوية التي تجريها القوات المعادية، ولا تكتفي بذلك بل تواصل عملها لتحليل هذه الاتصالات، وكشف المكان الذي تأتي منه، وهي ميزة تجعل القائد الذي يمتلك ضمن أدواته هذه الطائرة يتخذ قراره بشكل أسهل كثيرا.
وأخيرا وليس آخرا، فمما تقوله إلبيت سيستمز عن مميزات طائرتها أنها طائرة موفرة في استهلاك الوقود خلال الطيران.
مواصفات الطائرة بدون طيار إلبيت سيستمز هرمز ٩٠٠:
- الشركة المصنعة: إلبيت سيستمز الإسرائيلية Elbit Systems Ltd.
- التحليق النهاري الأول: (دوما ما يتم أول طيران تجريبي لأي طائرة نهارا): ١٤ ديسمبر ٢٠٠٩.
- بدأ الإنتاج الكمي: سنة ٢٠١٢.
- طول جسم الطائرة: ٨،٣ متر.
- البعد بين الجناحين (مقياس عرض الطائرة): ١٥ متر.
- الحمولة: ٣٥٠ كجم.
- أقصى وزن للإقلاع: هو الوزن الذي لا تستطيع الطائرة الإقلاع إذا زاد عن هذا الحد ويشمل وزنها والوقود الذي داخلها وحمولتها: ١١٨٠ كجم.
- أقصى ارتفاع للطيران: ٣٣ ألف قدم = ٩١٠٠ متر.
- السرعة القصوى: ٢٢٢ كم في الساعة.
- سرعة التحليق المعتادة: ١٠٣ كم في الساعة.
- القدرة على مواصلة الطيران: ٤٠ ساعة طيران (أكثر من ٣٦ ساعة بحسب أرقام شركة إلبيت سيستمز).
- تعمل الطائرة بمحرك واحد طراز Rotax 914 engine.
الدول المشغلة لطائرات إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠:
إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠، Public domain، IDF Spokesperson's Unit photographer، CC BY-SA 3.0، via wikimedia commons. |
تستطيع النسخة البحرية من طائرات إلبيت هيرميس ٩٠٠، تنفيذ العديد من المهام مثل مراقبة المناطق الاقتصادية الخالصة للدولة التي تستعملها وحماية ثرواتها وأصولها فيها مثل منصات النفط أو الغاز الطبيعي وكشف أي محاولة اعتداء عليها، كما تعد مفيدة بشدة في عمليات مكافحة القرصنة والمراقبة البيئية والبحث والانقاذ، علاوة على القدرة على المشاركة في عمليات الإغارة البحرية والقتال ضد قطع السطح. |
- جيش الاحتلال الإسرائيلي: واستخدمها الإسرائيليين في عملية (الجرف الصامد) التي شنوها ضد قطاع غزة في يوليو ٢٠١٤، كما استخدمت في العدوان الإسرائيلي على غزة والذي سمته (حارس الأسوار) في مايو ٢٠٢١ الذي وافق نهاية رمضان وبداية عيد الفطر عند المسلمين، وأخيرا في عملية (الفجر الصادق) التي اعتدت فيها على غزة صيف العام ٢٠٢٢.. وتواصل استخدامها في عدوانها المستمر منذ شهور على قطاع غزة وعلى لبنان.
- الجيش السويسري: يطلق عليها السويسريين اسم هيرميس ٩٠٠ ستارلاينر Hermes 900 StarLiner، وقد أجريت الشركة علي النسخة السويسرية بعض التعديلات جعلتها أثقل لتحمل محرك أقوى وحمولة أكبر.
- الجيش الفلبيني.
- الشرطة الفيدرالية المكسيكية.
- ايسلندا: تستخدم ايسلندا النسخة البحرية من طائرات هيرميس ٩٠٠ في تأمين مياهها الاقتصادية.
- الاتحاد الأوروبي: أبرم الاتحاد الأوروبي صفقة للحصول على طائرات هيرميس ٩٠٠ بدون طيار لمراقبة سواحل دول الاتحاد.
- الجيش الكولومبي.
- الجيش التشيلي.
- البرازيل.
- اذربيجان.
التاريخ العملي:
إلبيت سيستمز هيرميس ٩٠٠ في سويسرا، Martin Thoeni،powerplanes.ch، (CC BY-SA 4.0) via wikimedia commons. |
------
¹: المدى الطيفي: يشير إلى نطاق الأطوال الموجية اللونية التي يمكن لجهاز الرصد أو الاستشعار الذي يعمل بمقياس الطيف الضوئي قياسها، وذلك من خلال أن يقوم جهاز الرصد بقياس الإشعاع الكهرومغناطيسي بتقسيمه إلى عدة نطاقات طيفية حسب الطول الموجي لكل لون.
وفكرة هذه العملية أن كل جسم (على سبيل المثال جندي، دبابة، مدفع، طائرة داخل الملجأ الخاص بها، صاروخ .. إلخ) له طيف مميز لا يتشابه معه أي طيف لوني آخر، لذا فإن الجهاز هنا يحدد الهدف من خلال طول الموجة اللونية الخاصة به.