عندما نتحدث عن البرود الجنسي عند النساء frigidity in women، فإننا نتحدث عن أحد المواضيع التي قد تشكل هموما ومشاكل لدي العديد من الأسر، في محاولة لتوضيح أسبابه، والطرق المناسبة للتعامل معه.
مصطلح المرأة الباردة جنسيا، لا يجب أن يتم التعامل معه بحساسية، بل يجب إدراكه بفهم من الزوجين، والتعامل مع أسبابه لمعالجتها، pixabay، No Copyright. |
إذ يعاني الكثير من الأزواج، ويشعرون بالاحباط عندما يجدون زوجاتهم لا يرغبون في ممارسة العلاقة الزوجية معهم، خصوصا أنه أمر يتعلق بالغريزة والفطرة.
من المهم هنا أن نشير إلى أن معظم السيدات اللواتي تعاني من "البرود الجنسي" يمرون كذلك بمشاعر سيئة، واعتقاد بأن هناك شيء ما ينقصهم.
هذه الحالة تجعل العلاقة محتقنة بين الزوجين خارج فراش الزوجية، ويصدرون المشكلة الجنسية إلى باقي أرجاء حياتهم ومنزلهم، فيصبح كئيبا تملؤه المشاكل، بل قد ينتهي الأمر بالطلاق، لذا نكتب هذا التقرير ساعين لنصل سويا إلى فهم مشكلة البرود الجنسي، ونحاول حلها معا في إطار من الهدوء والتقبل.
وبرغم الاهتمام الواسع مؤخرا بالبرود الجنسي عند النساء، إلا أنه لا يزال أحد المجالات التي تحتاج للمزيد وللكثير من البحث، لتحديد أسبابها بشكل كامل ودقيق، وأسلوب التعامل الأنسب مع كل سبب منها.
البرود الجنسي عند النساء:
في المساء والصباح، وبرغم تعدد المحاولات والطرق، لا تستجيب الزوجة، لا تريد العلاقة الحميمية مع زوجها، وإن مارستها فهي لا تشعر بالمتعة المرجوة، بل وقد تشعر بالضيق والألم.
لذا فهي تحاول التخلص منها في المرات القادمة، إنه البرود الجنسي عند النساء.
إذن فالبرود الجنسي عند النساء، عبارة عن فقدان الدافع لممارسة الجنس، لا يوجد ما يحركها لهذا الشيء، لا توجد رغبة جنسية، وبالتالي فلن تطلب ولن تحاول بدء علاقة جسدية مع زوجها، ولن تستجيب لطلباته ولمحاولاته.
ومن صور البرود الجنسي عند النساء أيضا، أنها قد لا تتهرب من العلاقة الزوجية، لكنها لا تتفاعل مع زوجها فيها، تصبح مجردة من المشاعر داخل أعلى الأنشطة البشرية إثارة للمشاعر، وحتى في لحظات الإيلاج نفسها تكون صامتة لا تتحرك، لا تتفاعل، وكأنه لا يحدث أي شيء. وربما حاولت الإدعاء والتمثيل بأنها تتفاعل، لكن داخلها صمت رهيب.
تتعدد الصور التي تظهر من خلالها حالة البرود الجنسي عند النساء، وتكفي صورة واحدة منها للقول بوجودها. CC0 Public Domain، Karen Arnold. |
ويتفاقم حجم المشكلة، عندما نعرف أنها شائعة، شائعة للغاية، نتحدث عن أن بعض الإحصاءات تشير إلى أن ما بين ٢٦ : ٤٠٪ من السيدات يحدث لهن "برود جنسي"، هل لنا أن نتخيل أن هذه المشكلة تمر بها ما يتراوح بين ربع إلى ٤٠ في المائة من الأسر والبيوت ؟!!.
وترتفع هذه النسبة مع تقدم العمر، فمع تقدم العمر تحدث عدد من المتغيرات.
فهذه السيدة التي كانت تتفجر أنوثة ورغبة في بداية الزواج، أصبحت الآن أم، لديها مسؤوليات أخرى، فقد تكون سيدة عاملة، تنهي عملها وتعود لتنظيف بيتها وإعداد الطعام، ومتابعة دراسة أبنائها، والعديد من الواجبات الحياتية اليومية.
عندما تعود للفراش في نهاية اليوم، فإنها تكون منهكة في معظم الأحيان، لا ترغب إلا في النوم، لا مجال هنا للاستعداد والتجهز للعلاقة مع الزوج، وهكذا تمر بها الأيام والليالي، وتدخل مع الوقت في حالة من البرود الجنسي.
لكن هذه مجرد ((صورة)) من عدة صور للبرود الجنسي عند النساء، والتي قد تختلف أسبابه وتتعدد بين الجسدية والنفسية.
وقبل الحديث عن أسباب البرود الجنسي، فبشكل عام، فإننا نحدد البرود الجنسي عند النساء، في ٣ صور، وهو نفس التحديد المعتمد من "الموسوعة البريطانية" Brittanica، وتتمثل هذه الصور في:
-عدم وجود رغبة جنسية من أي نوع.
-الوصول للرغبة الجنسية بعد مجهود كبير ووقت طويل أو ما يعرف باسم (ضعف الإثارة الجنسية).
-عدم الوصول للنشوة الجنسية.
وتضيف دراسة نشرتها "الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة" في مارس ٢٠٠٨، صورة رابعة هي: (الشعور بالألم عند ممارسة العلاقة الزوجية).
ولا يلزم وجود هذه الصور بشكل جماعي للقول بأن السيدة تعاني من البرود الجنسي، بل تكفي صورة واحدة منها، وقد وجدنا بحثا منشورا في (المجلة الطبية البريطانية) British Medical Journal يشير إلى أن المرأة قد تكون مصابة بدرجة منخفضة من البرود الجنسي، ومع ذلك يكون أدائها الجنسي جيد.
الفيصل هنا حسب البحث الذي أعده البروفيسور في جامعة سنترال لانكشاير، ومستشفى ويثينجتون في مدينة مانشستر "جوزي بوتشر"، يكون في أنها حتى ولو كان أدائها الجنسي جيد، فلن تكون راغبة في بدء العلاقة.
ويتماشي مع ذلك.. لكن بطريقة عكسية، ما تذكره مستشفيات (مايو كلينك) الأمريكية الشهيرة، من أن البرود الجنسي عند السيدات، قد يتمثل في وجود الرغبة في بدأ العلاقة الحميمية، لكن لا تحدث الاستثارة الجنسية، أو "هزة الجماع".
أسباب البرود الجنسي عند النساء:
بخلاف ما أوضحنا من صورة شائعة وهي الالتزامات الحياتية التي ينتج عنها البرود الجنسي عند النساء، فهناك العديد من الأسباب الأخرى، والتي تتنوع بين الأسباب الجسدية والنفسية.
هناك من يركز على الأسباب الجسدية للبرود الجنسي، متجاهلا أن هناك دورا هاما للتنشئة الاجتماعية وتربية الزوجة، بل وكذلك ما يتعلق بطريقة الزوج نفسه في الممارسة الجنسية مع زوجته.
وتتميز أسباب أو علامات البرود الجنسي بأنها تكون ظاهرة كذلك للزوج الذي غالبا ما يلاحظها.
- الأسباب الجسدية:
- ترقق أنسجة الاعضاء التناسلية: مثلا ترقق جدران المهبل، الذي يعرف باسم "ضمور المهبل" والذي يحدث غالبا بعد انقطاع الطمث "الدورة الشهرية" أي في سن ما بين ٤٠ : ٥٠ سنة، هذه الحالة قد تجعل من عملية الإيلاج نفسها عملية مؤلمة للزوجة، ونتيجة لذلك، نفهم أن تصاب المرأة بالبرود الجنسي.
- غياب الإفرازات: هناك سبب للبرود الجنسي، ونتيجة له في الوقت نفسه، ونقصد هنا، أنه وكنتيجة للبرود الجنسي، فقد لا يستجيب جسد الزوجة لبدء العلاقة، في حين أنه وفي الوضع الطبيعي، ومع استجابة المرأة واستثارتها تبدأ في إفراز بعض السوائل التي تسهل عملية الجماع، وتجعلها أكثر متعة للطرفين، لكن ومع عدم الاستجابة، لا تفرز تلك السوائل، ما يجعل الجماع مؤلم بالنسبة لها.
- التشنج المهبلي: ويقصد بالتشنج المهبلي، بحدوث تشنجات في مهبل المرأة خوفا من عملية الإيلاج، وفي هذه الحالة تفقد المرأة السيطرة على عضلات المهبل، وتتحول ممارسة الجنس إلى عمل مؤلم للغاية.
- تأثر الجسم ببعض أنواع الأدوية: مثل أدوية ضغط الدَّم، وأدوية العلاج الكيميائي، ومضادَّات الهيستامين.
- بعض الأمراض: مثل أمراض الكبد، قصور الغدة الدرقية، الجراحات في الثدي.
- الأسباب النفسية:
تعاني بعض السيدات من مشكلة الخوف من الجنس باعتباره عيب أو حرام كما تربت طوال عمرها، التعامل النفسي السليم مع هذه الحالة يؤدي لشفاؤها تماما. Jiri Hodan، No Copyright. |
- التربية الخاطئة: نعم، فبعض السيدات يتعاملن مع الجنس باعتباره خطيئة أو عيبا، وهو كذلك إن كان خارج إطار الزواج، لكن مع الزوج، فهو أمر يثاب عليه الشخص، وتنفتح به ورود الحياة، وتتحسن العلاقة العامة بين الزوجين، لكن من تفشل في فهم ذلك، تتهرب من الجنس لأنها تراه دوما كما ربيت، أنه خطيئة يجب الابتعاد عنها.
- الممارسات الخاطئة للزوج: بعض الأزواج يعاملن زواجتهن على أنهن أشياء، فلا مكان للحديث، ولا للمداعبة، ولا هم لهم إلا متعتهم الشخصية، بها تبدأ العلاقة وتنتهي مع نهايتها، هذا الأمر يجعل الزوجة تكره العلاقة الزوجية، ويصيبها رغم عنها بالبرود الجنسي، بل وربما بكراهية العلاقة الزوجية، وحتى الزوج نفسه، لذا فليستعمل الرجال عقولهم وقلوبهم، وليستخدموا العلاقة للحب والود، قبل إفراغ الشهوة، وسيجدون في الحديث مع زوجاتهم خلالها وبعدها من المتعة ما سيندمون على ضياعها منهم طيلة المدة السابقة، كما أن التواصل حول بعض الأشياء التي قد تخشاها الزوجة أو تثير قلقها مثل عمق الإيلاج أو قوته يكون مفيد للغاية في تهدئتها ومن ثم إدخالها كشريك في العلاقة لا كخائف منها.
- سوء المعاملة: مما قد يسبب "البرود الجنسي" أيضا هو سوء معاملة الزوج لزوجته.. فمن المعقول تماما أن الزوجة التي تعنف لفظيا أو جسديا طوال اليوم، لن تكون مستثارة أو محبة للعلاقة الجنسية مع من أمضى يومه في تعنيفها.
- الضيق الشخصي: قد ينتج البرود الجنسي عند النساء من مجرد الضيق الشخصي ولو كان بسبب لا دخل للزوج فيه.
- الملل من العلاقة نفسها: من المطلوب التغيير في العلاقة الجنسية، الملابس، المكان، الطريقة، وكلها أمور يمكن أن تتم برضاء الزوجين، وتجعل من العلاقة مرغوبة بشكل دائم.
- بعض الأمراض النفسية: مثل إضطراب الوسواس القهري.
هذا السبب، وحديثنا هنا لمن تكتمه في نفسها، هو حالة على المرأة نفسها أن تراجع نفسها فيها، لأنه غالبا ما يكون من وسوسة الشيطان، وهوى النفس الأمارة بالسوء، وقد ينتج عن مشاهدة الأفلام الإباحية (طالعوا من هنا تقريرنا: تأثير مشاهدة الأفلام الإباحية.. الآثار السلبية المدمرة للأفلام الإباحية على الرجال والسيدات).
علاج البرود الجنسي عند النساء:
دوما يبقي الأمل في علاج البرود الجنسي لدي السيدات، mohamed hassan، Creative Commons - CC0. |
لا يوجد حل أو علاج سحري للبرود الجنسي عند النساء.
وكما طالعتم أسباب البرود الجنسي عند النساء، فإن العلاج يكون مناسب بحسب السبب، علاوة على أن الكثير من الحالات تكون متعلقة بظرف ما أو مؤقتة لمدة معينة.
وتنبغي الإشارة هنا إلى أن البرود الجنسي العابر الذي لا يحدث إلا نادرا، لا يستدعي العلاج، ولا يمثل مشكلة أصلا.
بل إن دراسة حملت عنوان "الاهتمام الجنسي للإناث / اضطرابات الإثارة"، أعدتها واحدة من أهم المتخصصين في هذا المجال عالميا، وهي البروفيسور سيندي ميستوندي م. ميستون، الأستاذ بجامعة تكساس في أوستن بالولايات المتحدة، تذهب إلى أنه لا يمكن تصنيف الحالة بأنها "برود جنسي" إلا إذا استمرت لمدة ٦ شهور على الأقل.
لذا فلا داعي للقلق خصوصا للمتزوجات حديثا، واللواتي قد يصبن بالقلق من أبسط الأشياء.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن الأمر قد يستغرق وقتا للتحسن، لكن الخبر الجيد أن البرود الجنسي يعالج، وتتحسن حالة السيدات، ويتحولن إلى راغبات مجددا.
ونشير أيضا، إلى أنه وبحسب أبحاث جديدة نشرت في مجلة "ساينتيفيك أمريكان" الشهيرة، فإن بعض أفضل طرق علاج البرود الجنسي عند النساء، تكون خارج العلاقة نفسها.
على سبيل المثال، أن يعالج الزوج قلق زوجته من العلاقة بالتودد إليها، وإشعارها بحبه لها، أن يعودا للحديث العادي في أوقات يومهم، بدلا من أن يمسك كلاهما هاتفه الذكي ويتصفحه، أشياء من هذا القبيل الذي تجعل الود يعود بين الزوجين.
على الفراش، ذكرنا في عرضنا للأسباب، ذكرنا العديد من الطرق التي تفيد في كسر حالة البرود الجنسي لدي السيدات، لكننا نضيف هنا أنه من المهم كذلك محاولة أن يفهم الزوج والزوجة طبيعة جسد المرأة، ويعرف المناطق التي تثيرها بشكل سريع أو أكبر.
هناك بالطبع أدوية تعالج الأسباب الجسدية للبرود الجنسي عند النساء، ولكن لا يمكن استخدامها إلا بعد استشارة طبية، وننصح هنا بالطبع استشارة السيدة لطبيبة، مراعاة للحرج في المسألة، والتي قد تحتاج فيها للإجابة عن بعض الأسئلة التي ستجد حرجا شديدا في التحدث عنها أمام طبيب.
السيدات اللواتي يشربن الكحوليات معرضات بصورة أكبر للبرود الجنسي، لذا فمن أسباب التخلص منه، التوقف عن تناول المشروبات الكحولية.
واستمرارا لما يتعلق بنمط الحياة، فإن النوم الجيد، ومنذ الساعة العاشرة مساءً يحسن الحالة المزاجية والنفسية، ويساعد كذلك على زيادة الرغبة الجنسية، نتيجة لحصول الجسم على الراحة والاسترخاء، ومع ذلك، فإذا كنتي تلاحظين أن رغبتك أو نشاطك الجنسي أعلى ليلا، فلا مانع من السهر فقط من أجل هذا.