دائما ما أرتبط ذكر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بالعدل والتقوى والإحسان، إلي درجة أن اعتبره البعض استثناءا بين الخلفاء والحكام، أقرب ما يكون لحالة فاضلة لا يمكن أن تتكرر، وأقصى ما يمكن فعله، هو محاولة الاقتراب من عدل هذا الخليفة الاستثنائي.
عمر بن عبد العزيز، الملقب أبا حفص ، و أشج بني أمية، ثامن الخلفاء الأمويين، والموصوف بأنه خامس الخلفاء الراشدين. |
نسبه:
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهو بذلك ينتمي إلي بني أمية من جهة والده، والذين ينحدرون من (عبد مناف) وهو الجد الثالث للنبي صلى اللّه عليه وسلم، فيتقاطع نسبهم مع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده.
وإن كان جدهم الثاني هو (عبد شمس)، بينما الجد الثاني النبي صلى اللّه عليه وسلم هو (هاشم)، وكلاهما من أبناء عبد مناف.
أما من ناحية الأم، فأمه السيدة (أم عاصم ليلي) وهي بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فكأنه جمع الشرف من طرفيه في نسبه من ناحية أبوه ومن ناحية أمه.
وجدته من ناحية أمه، هي السيدة صاحبة الموقف الشهير مع الخليفة عمر بن الخطاب، عندما كان يعس في الليل يتفقد أحوال رعيته، فسمع امرأة ممن تبعن اللبن تأمر ابنتها أن تخلطه ببعض الماء لتزيد كميته، فأبت الفتاة وقالت أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد نهي عن ذلك، فلما قالت لها أمها أن عمر لايراها، فأجابتها الفتاة أنها لا تطيعه في العلن وتعصيه في الخلاء.
كان ذلك الموقف الذي سمعه الفاروق بن الخطاب، كاشفا له عن معدن تلك الفتاة الطيب، فجمع أبناءه وسألهم عن من يريد الزواج منهم، وكان ابنه عاصم لم يتزوج، فطلب من أبيه أن يزوجه، ومن هذه الزيجة المباركة جاءت (أم عاصم) وهي ام أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز.
نشأته:
كان لهذا النسب دورا كبيرا في نشأة عمر بن عبد العزيز، المولود على أرجح الأقوال في عام ٦١ ه / ٦٨١ م (قيل في رواية أخرى أنه ولد سنة ٦٣ ه)، إذ شب الفتي وترعرع في مدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، عند أخواله من آل عمر بن الخطاب.
وفي هذا العصر القريب من عصر النبوة، هيئت الأقدار لعمر بن عبد العزيز أن يكون أساتذته من الصحابة أو التابعين (تذكر المصادر أنه قد تتلمذ على يد ٣٣ أستاذا كان ثمانية منهم من الصحابة، والباقي منهم من التابعين)، ما أنتج بدوره شخصية تقية ورعه في حياته العادية حتى قبل أن يؤتيه الله الملك.
لكن قبل قدومه إلي المدينة المنورة ، والتي أرسله لها أبوه عبد العزيز، والذي كان يعرف عنه أيضا الصلاح والتقوى حتى يتعلم الدين من منابعه الصافية، قبل ذلك كان له موعد في أرض أخرى شهدت مولده، وشهدت ظهور نبوءة جده عمر بن الخطاب فيه... كان له موعدا هناك في أرض مصر.
أشج بني أمية:
ولد عمر بن عبد العزيز في مصر، وبالتحديد في حلوان ، وهي حاليا منطقة من أقليم العاصمة المصرية القاهرة.
فشهدت أرض مصر الميلاد السعيد، حيث كان والده (عبد العزيز بن مروان) أميرا عليها.
مشهد من المسلسل المصري (عمر بن عبد العزيز) بعد إصابة عمر بن عبد العزيز بالشج في وجهه. |
في أرض مصر أيضًا، تعرض الصبي للحادثة التي أظهرت نبوءه جده لأمه عمر بن الخطاب.
فعن الترمذي وعن ابن سعد وعن عبد اللّه بن عمر، باختلاف في الكلمات المنقولة عن الفاروق، أن عمر بن الخطاب قال: ((من ولدي رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلًا)).
تحقق ذلك في عمر بن عبد العزيز، ففي أحد الأيام في صباه وهو يلهو، ضربته دابة يعتقد أنها فرس في وجهه، فخلفت من وراء ضربتها شجة في وجهه، فصار يلقب بأشج بني أمية.
ومما رواه ابن عساكر، أن أبوه عندما هب لنجدته حين ضربته الدابة، وأخذ يمسح عن وجهه الدم، كان يقول: (إن كنت أشج بني أمية .. إنك لسعيد).
زوجات عمر بن عبد العزيز:
تزوج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز من ثلاث سيدات، كانت أحبهن وأقربهن إليه ، ابنة عمه (فاطمة بنت عبد الملك)، والتي تزوجها في حياة والدها الخليفة عبد الملك بن مروان، الذي كان يحب ابن أخيه كثيرا، فاختاره لبنته على كثرة من تقدموا لخطبتها.
وقيل أن فاطمة بنت عبد الملك قد جمعت ما لم تجمعه امرأة قبلها أو بعدها، فهي حفيدة الخليفة مروان بن الحكم، وبنت الخليفة عبد الملك بن مروان، وأخت الخليفة الوليد بن عبد الملك والخليفة سليمان بن عبد الملك، وزوجة الخليفة عمر بن عبد العزيز، وعن ذلك قال الشاعر عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني الملقب بوضاح اليمن:
بنت الخليفة والخليفة جدها : أخت الخلائف والخليفة زوجها
كما تزوج عمر بن عبد العزيز من لميس بنت الحارث، وأم عثمان بنت شعيب بن زبان.
ولاية الحجاز:
وفي خلافة ابن عمه (الوليد بن عبد الملك)، وبقرار منه تولي عمر بن عبد العزيز ولاية المدينة المنورة والطائف، فكان واليا على الحجاز كله، وهو لا يزال ابن الخامسة والعشرين من عمره.
وقد أحسن عمر في ولايته تلك، فأنشا مجلسا للشورى عين فيه عشرة من كبار فقهاء المدينة المنورة، وجعل له اختصاصات في كل شيء تقريبا.
كما وسع في عهده مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في المدينة المنورة.
في ولاية الحجاز كذلك وقعت الحادثة التي كانت تعكر صفو عمر بن عبد العزيز كلما ذكرها، وهي حادثة خبيب بن عبد اللّه.
فقد كان خبيب هو ابن عبد اللّه بن الزبير، وكان رجلا له ثأر عند بني أمية، بسبب مقتل أبيه على يد جيش الأمويين بقيادة (الحجاج بن يوسف الثقفي)، عند تنازعه على الخلافة مع الأمويين.
فأخذ خبيب يحدث الناس عن ظلم بني أمية، وذكر حديثا في ظلمهم قال أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد حدث الناس به.
حينها، أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك، واليه على المدينة (عمر بن عبد العزيز) بأن يضربه بالسوط مائة ضربة، وبرغم أن الضربات لم تكمل المائة ولا حتى ربعها، لكن كان نتيجة ذلك الضرب أن مات خبيب.
وبسبب تلك الحادثة، اراد عمر بن عبد العزيز أن يعتزل الولاية، وعزم على نفسه ترك كل شأن من شؤون الحكم، لكن أمر الله كان قد سبق فصعد ذات يوم للخلافة وإن لم يرد.. لكن قبل هذا كان خلافه مع الحجاج هو السبب في عزله من ولاية الحجاز، وسنوضح ذلك.
لكن وبشكل عام، فقد ظلت حادثة خبيب بن عبد اللّه مؤثرة في نفس عمر بن عبد العزيز، حتى أنه وكلما أصلح شيء أو عدل بين الناس فبشروه، كان يرد عليهم دوما بقوله: كيف بخبيب؟. واستمر يذكره حتى وفاته.
الخلاف مع الحجاج بن يوسف:
ربما لم تكن العلاقة بين الرجلين "عمر بن عبد العزيز" و "الحجاج بن يوسف الثقفي" مما يمكن تسميته خلافا.. وإنما يمكن من استقراء الوقائع إدراك أن حالة من الكراهية كانت تجمع بينهما.
عابد فهد ادي دور الحجاج في مسلسل شهير، وقد عرض في بعض مشاهده الخلاف بين عمر بن عبد العزيز والحجاج بن يوسف الثقفي. |
والحقيقة أن الاختلاف بين الرجلين في كل شيء تقريبا يمكن معه فهم حالة الكراهية تلك.
وفي بلاط الخليفة (عبد الملك بن مروان) كان اختصام الرجلان عادة لا تنقطع.
ثم هذا الحجاج يتابع الدسائس لعمر في عهد الوليد بابن عمه وزوج اخته (وكان الوليد كذلك زوجا لأخت عمر بن عبد العزيز)، ويكيل له التهم بأنه يجمع معارضي الوليد في ولايته في الحجاز، ويوهمه بأن عمر بن عبد العزيز يريد من جمعه لهؤلاء المارقين على حكم الوليد، أن ينقض بهم على كرسي الخلافة.
وعلى الجانب الآخر، عمر بن عبد العزيز، يحذر الخليفة من الحجاج، ومن عاقبه ظلمه لأهل العراق، ويذكره بأنه مسؤول عن أفعاله باعتباره الخليفة، ولا ينكر أن الكثير من أهل العراق قد تركوها وجاءوا للمدينة إليه، هربا من بطش الحجاج وظلمه.
وقد بلغ عمر بن عبد العزيز مبلغه في التعبير عن رفضه للحجاج وأفعاله أن رفض لقاءه وقد قدم الحجاج حاجا لبيت الله في أحد الأعوام ومعه لواء الحج.
وكتب الحجاج للخليفة الوليد كتابا قال فيه: ((إن من قبلي من المراق من أهل العراق وأهل الشقاق، قد جلوا عن العراق، ولجأوا إلي المدينة ومكة، وإن ذلك وهن، وضعف من الدولة تخشي عواقبه)).
فمال الوليد إلي رأي الحجاج، وعزل عمر بن عبد العزيز، الذي انتقل إلي حيث أقام في السويداء قرب دمشق.
الخلافة:
تجمع المصادر التاريخية على أن رجلا بعينه كان له الدور الهام في إنفاذ إرادة الله، وصعود عمر بن عبد العزيز لعرش الخلافة الأموية.
نقصد هنا القاضي (رجاء بن حيوة)، وهو أحد ألمع شخصيات الدولة الأموية في عصرها الذهبي.
كمستشار للخليفة (سليمان بن عبد الملك)، نصحه رجاء بن حيوة -وكان سليمان على فراش الموت- بأن خير من يستخلفه من بعده هو ابن عمه عمر بن عبد العزيز، وقد أمضى الوليد مشوره رجاء بن حيوة، فوضع ولاية العهد في عمر بن عبد العزيز.
ولأننا لا يجب أن ننسي أن الخلفاء والأمراء والحكام هم من بشر في النهاية، فإن هناك موقف لعمر بن عبد العزيز، لابد وأن سليمان بن عبد الملك لم ينساه له، وكان أحد أسباب أن عهد له بالخلافة.
قيل عن رجاء بن حيوة، أنه قاضي أهدي المسلمين خامس الخلفاء الراشدين، صورة تعبيرية. |
ففي خلافة الوليد، كان يريد أن يخلع أخوه سليمان من ولاية العهد، ويعين أحد أبنائه بدلا منه، وكان الوليد قد نجح في أخذ موافقة الكثير من رجال الدولة، وبقي أن يوافق عمر بن عبد العزيز ليتم الأمر خصوصا بين ((بني أمية))، لكن عمر رفض أن يرجع عن بيعته لسليمان كولي للعهد، وتحمل غضب الوليد منه، ويبدو أن سليمان لم ينسي له هذا الموقف عندما كان يستمع لنصح القاضي رجاء بن حيوة بتعيين عمر وليا للعهد.
وبرغم أن الخلافة قد أتت عمر دون طلب منه، فأنه وقف على المنبر وخطب في الناس فخلع ما في أعناقهم من بيعة له، لكن الناس قاموا إليه، وتمسكوا به خليفة عليهم، فلما رأي ذلك رضي بالأمر، ووقف فخطب في الناس فأوصاهم بتقوى الله، وأن يطيعوه ما أطاع الله فيهم، فإن عصاه، فلا طاعة له عليهم.
وقد قالت زوجته فاطمة بنت عبد الملك عن توليه الخلافة: ((والله لوددت لو كان بيننا وبين هذه الإمارة بعد ما بين المشرقين))، وذلك لما رأته من زوجها من بكاء وخوف شديد من حساب الله له على الأمة كلها.
الإصلاحات:
سيكون من الخطأ حين النظر في سيرة عمر بن عبد العزيز، قصر النظر فيها باعتباره كان خليفة عادل فحسب، فهذا يعطي صورة قاصرة عن الصورة الرائعة التي بلغها الرجل.
فالرجل كان إداريا حقيقيا، وقد وضع نصب عينيه أن أهم شيء يقدمه في هذا المقام هو حسن اختيار الولاة والقضاة، إذ سيستطيع بذوي الكفاءة أن يمضي في تحقيق العدل والإصلاح، في حين يعجز الخليفة حتى وإن كان عادلا على أن يصلح أحوال رعيته، إن عين من لا يستحق من غير ذوي الكفاءة.
كان من أول ما سمع الناس به من قرارات عمر بن عبد العزيز، هو قراره بسحب الجيش الذي كان يحاصر القسطنطينية في ذلك الوقت، وذلك لأنه كان راغبا منذ البداية في وقف الحرب، وأن يعود هذا الجيش الذي صار يمثل عبء على الدولة، وعلى المدينة المحاصرة نفسها، وهذا القرار بالذات، جعل المصادر التاريخية الغربية تذكر عمر بن عبد العزيز بالخير.
كما عرف عن ابن عبد العزيز الحرص على أموال الناس ولو في أبسط الأمور، ولايوجد مثال أبرز على ذلك من رده على والي المدينة (أبو بكر ابن حزم) حينما أرسل له يطلب أوراقا ليكتب فيها أمور ولايته ، فكان رده عليه: (أدق قلمك وقارب بين أسطرك ..فإني أكره أن إخرج للمسلمين ما لا ينتفعون به).
كما ظل في خلافته يعطي مثالا للحاكم المتواضع غير المتكبر، إذ قام عمر بن عبد العزيز يومًا وأصلح السراج (المصباح) لجلسائه، فقال أحدهم: ألا أمرتني يا أمير المؤمنين، فكنت أكفيك إصلاحه؟ فقال: ليس من المروءة أن يستخدم المرء جليسه، قمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر.
بل إن رأفته امتدت لتشمل حتى الحيوانات، فنهي حاملي الرسائل أن يضعوا الحديد في طرف السوط الذي ينخسون به الدواب، حتى لا تألم، كما منع أن تلجم الدواب عموما بأي لجام ثقيل.
لكن أكبر إصلاحات عمر بن عبد العزيز، هي ما تعرض فيها لبني أمية أنفسهم، فأجبرهم على ترك كل الأموال والقصور والحدائق والأراضي التي أخذوها دون حق، وردها إلي بيت مال المسلمين، وكانت تلك أيضا واحدة من أخطر إصلاحاته، إذ خشي حينها أن تثور الأسرة المالكة ضده.
الخليفة المجدد:
غلاف كتاب عمر بن عبد العزيز.. ضمير الأمة وخامس الراشدين. |
هناك شبه إجماع بين العلماء السنة، أن الخليفة عمر بن عبد العزيز هو أول المجددين في الإسلام، فهو المجدد في المائة عام الاولى، تطبيقا لحديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أن الله يبعث لهذه الأمة في كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها.
ويقول الراحل الدكتور محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في كتابه (عمر بن عبد العزيز.. ضمير الأمة وخامس الراشدين) أن التجديد الذي نهض به عمر بن عبد العزيز لم يكن كتبا ألفها ولا نظريات أودعها في بطون الأسفار ، وإنما "عدلا".
إلغاء وظيفة الحاجب:
وكان مما صنعه عمر بن عبد العزيز في سنوات خلافته الثلاثة (حكم عمر بن عبد العزيز ثلاثين شهرا بالتحديد)، أن ألغي دور (الحاجب) الذي كان يقف على أبواب الخلفاء، فيأذن للناس بالدخول بعد أخذ إذن الخليفة، أو يعيدهم من حيث أتوا.
ولذلك الأمر قصة رواها ميمون بن مهران، فحينما كان ذات يوم عند عمر بن عبد العزيز، فقال لآذنه: من بالباب؟ قال: رجل أناخ الآن زعم أنه ابن بلال مؤذن رسول الله ﷺ فأذن له.
فلما دخل الرجل، قال له عمر بن عبد العزيز: حدِّثني. فقال: حدثني أبي أنه سمع النبي ﷺ يقول: «من ولي شيئًا من أمور الناس ثم حجب عليه حجب الله عنه يوم القيامة».
فلما سمع عمر بن عبد العزيز ذلك قال لحاجبه: الزم بيتك.
فما شاهد الناس بعدها على بابه حاجب، وأصبح يقول: لا شيء أضيع للمملكة، وأهلك للرعية من شدة الحجاب.
وفاة عمر بن عبد العزيز:
يذكر ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) أن مولى لعمر بن عبد العزيز، وضع سما في طعامه.
وحينما أكل منه وأحس بالسم، استدعاه عمر بن عبد العزيز، فسأله عن السبب الذي دفعه لهذا الغدر، فأخبره أنه قد اعطي ألف دينار لقاء ذلك، فأخذ عمر بن عبد العزيز منه المال وأرسله إلي (بيت المال) ثم قال لمولاه هذا: "إذهب حيث لا يراك أحد فتهلك".
وقد رفض عمر بن عبد العزيز أن يضع ولاية العهد في أحد أبنائه، بل ورفض أن يوصي لهم بمال، ومع ذلك تواردت الأنباء أن أبناءه قد جعلهم الله من بعد وفاة أبيهم من أغني الناس، بل أغني حتى من أبناء باقي خلفاء بني أمية الذين تركوا لابنائهم أموالا طائلة.
وذكر ابن كثير في كتابه، أن مدة مرض أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بلغت عشرين يوما أمضاها في (دير سمعان) وهي قرية من قري حمص في سوريا، ثم مات ودفن فيها.
وكان القاضي رجاء بن حيوة لايزال على قيد الحياة، وقال بعد وفاة أمير المؤمنين: ((كان عمر بن عبد العزيز قد أوصى إلي أن أغسله وأكفنه ، وأدفنه فإذا حللت عقدة الكفن ، أن أنظر في وجهه ، قال : فلما فعلت ذلك إذا وجهه كالقراطيس بياضا)).
موقف الشيعة منه:
على عكس خلفاء بني أمية، فإن الشيعة يرون في عمر بن عبد العزيز، خليفة عادل.
بعض المصادر الشيعية تحدثت عن أن الإمام الباقر وهو الإمام الخامس عند الشيعة والذي عاصر عمر بن عبد العزيز، كان أحد من ينصحونه ، وكانت علاقتهما طيبة حتى أعطاه الإمام الباقر اسم (نجيب بني أمية).
ومع هذا، فإن المظلومية التاريخية للشيعة التي تعتقد أن الخلافة قد سلبت من آل بيت الإمام علي -رضي الله عنه-، تري من هذا المنطلق أن عمر بن عبد العزيز لم يكن له حق في الخلافة من الأصل، وهو أمر لا يستساغ، خصوصا أنه قد صعد لمجلس الخلافة ببيعة الناس دون كراهية أو خوف، وظل يوما بعد يوم يحصد حب الناس له ولحكمه.
وعلى الرغم من هذا الموقف، إلا أنه وفي مايو عام ٢٠٢٠، تم اتهام ميليشيات إيرانية بنبش قبر عمر بن عبد العزيز وإفراغ محتويات الضريح بأكمله، ما آثار غضبا عارما في ذلك الوقت.