طلب اليوم الخميس، المدعي العام التركي في أسطنبول، تعليق محاكمة ٢٦ متهما سعوديا تتهمهم تركيا بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في أسطنبول عام ٢٠١٨، وكذلك بتدمير أدلة الجريمة.
الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده في أسطنبول، Public domain. |
وكانت تركيا تحاكم الستة وعشرين متهما "غيابيا"، ويأتي طلب المدعي العام اليوم ليعد بمثابة خطوة هامة للغاية من أجل إغلاق لملف هذه القضية أمام القضاء التركي.
استشارة وزارة العدل التركية:
إذ لابد وقبل إحالة القضية إلي السعودية، وكما أعلنت عنه المحكمة التركية اليوم أن يتم إستشارة وزارة العدل التركية.
لكن قرار المحكمة التركية إستشارة وزارة العدل يأتي أصلا تنفيذا لقرار أصدرته بوقف نظر القضية، والبدء في إجراءات إحالة القضية للسعودية والتي تبدأ باستشارة وزارة العدل.
المدعي العام لإسطنبول، برر طلبه إحالة القضية للسعودية بقوله إن "القضية تراوح مكانها" وأنه يتعذر "تنفيذ أوامر المحكمة أو أخذ إفادات المتهمون لأنهم أجانب ولم يتم إلقاء القبض عليهم".
وكان القضاء التركي، قد بدأ محاكمة المتهمين بقتل الصحفي خاشقجي غيابياً في يوليو/تموز عام ٢٠٢٠.
هذا وحددت محكمة أسطنبول موعد الجلسة القادمة في السابع من أبريل/ نيسان المقبل، وهي الجلسة التي من المتوقع أن يصدر فيها قرار الإحالة بالفعل.
وكان جمال خاشقجي الذي ختم حياته كاتبا في صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية، وأراد زيارة قنصلية بلاده لاستخراج بعض الأوراق اللازمة للزواج من خطيبته التركية قد فارق الحياة عن عمر ٥٩ عاما، في ٢ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٨، وقال مسؤولون أتراك أن جثمان خاشقجي تم تقطيعه والتخلص منه، ولم يتم العثور على أشلائه.
وكتبت ((خديجة جنكيز))، وهي خطيبة جمال خاشقجي التركية، على حسابها على موقع تويتر عقب جلسة عقدت الخميس في المحكمة الرئيسية في إسطنبول "طلبت النيابة بناء على الطلب السعودي نقل الملف إلى السعودية وإغلاقه في تركيا".
وكان النائب العام السعودي قد رد بتاريخ ١٣ مارس / آذار الجاري، على مخاطبة سابقة من وزارة العدل التركية إليه، تسأل فيها عن أولئك الذين حُكم عليهم في المملكة، لتفادي خطر تعرضهم للعقاب مرتين، بطلب نقل ملف القضية للقضاء السعودي.
ويعتبر الكثير من المراقبين أن إتخاذ تركيا قرار إحالة قضية جمال خاشقجي إلي السعودية، بمثابة خطوة هائلة تخطوها تركيا من أجل تحسين علاقاتها مع المملكة والتي تضررت بشدة بسبب هذه القضية على وجه الخصوص.
حي ليفنت المالي في مدينة أسطنبول التركية حيث مقرات وفروع العديد والكثير من الشركات والمؤسسات والبنوك، Derrick Brutel، (CC BY-SA 2.0)، via Wikimedia commons. |
وبحسب بعض التحليلات، فإن تركيا التي تمر بأزمة اقتصادية قاسية، تريد تحسين علاقاتها مع دول الخليج العربي الثرية، لجذب استثماراتها وضخ الأموال في شرايين الاقتصاد التركي.
وكان ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد قد زار تركيا لأول مرة منذ ٩ سنوات في ٢٤ نوفمبر من العام الماضي، حيث حمل معه استثمارات إماراتية بقيمة ١٠ مليار دولار أمريكي في مشاريع في تركيا.
كما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أعلن في يناير / كانون الثاني أنه سيزور السعودية، لكن هذه الزيارة لم تتم حتى الآن، ويرجع البعض السبب في تأخر الزيارة لإندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وانهماك أردوغان فيها.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الخميس، إن بلاده ليس لديها أي موقف أو خطوات سلبية تجاه السعودية في أي مجال سياسي أو اقتصادي أو غيره، لافتاً إلى أنه “تم القيام بخطوات مهمة مؤخراً في مسار تحسين العلاقات بين البلدين”.
كما أدانت تركيا الهجمات الحوثية الأخيرة على السعودية.
قضية منتهية في السعودية:
إذا ما أحالت تركيا قضية مقتل جمال خاشقجي إلي السعودية، تكون بذلك قد أسدلت الستار على آخر فصول المحاكمات في هذه الواقعة.
فالقضية منتهية أصلا في السعودية بأحكام نهائية صدرت في سبتمبر / أيلول من العام ٢٠٢٠.
ووصل مجموع مدد السجن بحق ٨ متهمين وجهت لهم النيابة العامة السعودية تهمة قتل جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في أسطنبول إلي ١٢٤ عاما.
وكانت كل الأحكام قد تحولت إلي السجن بعدما كان قد صدر حكم بإعدام بعض المتهمين، بعد إنهاء الحق الخاص بالتنازل الشرعي لذوي القتيل.
حدثًا عامًا في مبنى الكابيتول هيل بمناسبة مرور سنة على مقتل جمال خاشقجي، Photo credit: April Brady/Project on Middle East Democracy، (CC BY 2.0)، via Wikimedia commons. |
وكان نجل جمال خاشقجي قد أعلن عن عفو أسرته عن قاتل والده، وبموجب هذا العفو يمنع تنفيذ حكم الإعدام.
وشملت الأحكام الصادرة حينها في السعودية، السجن ٢٠ عاما لخمسة من المتهمين بالقضية، بالإضافة إلى تراوح مدة سجن الثلاثة الآخرين بين ٧ و١٠ سنوات، وفقا للمتحدث باسم النيابة العامة السعودية.
تصريحات الأمير محمد بن سلمان عن قتل جمال خاشقجي:
وكان الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في لقاءه مع مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية الشهيرة ((يمكنكم الإطلاع على ترجمتنا للقاء بالكامل من هنا)) قد أجاب عن أسئلة الصحفي غرايم وود، الذي أجري معه الحوار، والتي تطرق بعضهت لقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
عن تلك الحادثة قال الأمير محمد بن سلمان للمجلة: (إنني أفهم الغضب خاصة بين الصحفيين وأحترم مشاعرهم، لكننا لدينا أيضا مشاعر هنا، ونحن أيضًا نشعر بالألم).
لقد أخبر ولي العهد شخصين مقربين منه أن "حادثة خاشقجي كانت أسوأ شيء حدث لي على الإطلاق، لأنه كان من الممكن أن يدمر كل خططي لإصلاح البلاد".
ويذكر الصحفي الأمريكي ان ولي العهد قال له في لقاءهما في الرياض إنه قد تم إنتهاك حقوقه هو ذاته في قضية جمال خاشقجي. ولم يتمتع هو بحقوق الإنسان.
استشهد الأمير بما تنص عليه المادة الحادية عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن أي شخص بريء حتى تثبت إدانته.
كما هاجم الأمير من يتحدث عن هذه القضية مذكرا إياهم إن المملكة العربية السعودية عاقبت المسؤولين عن جريمة القتل، لكن الفظائع المماثلة التي ارتكبتها أمريكا، مثل تفجير حفلات الزفاف في أفغانستان، أو تعذيب السجناء في خليج غوانتنامو، لم يعاقب عليها أحد.
ولي العهد أضاف أن جمال خاشقجي لم يكن مهمًا أصلا لكي يتم قتله، قائلا: (لم إكمل قراءة أي مقال لجمال خاشقجي في حياتي)... مضيفا: أنه لو كان يريد قتل أحد لكان اختار هدفا أكثر قيمة، وقتلة أكثر كفاءة.
وأنهي بقوله أنه لو كانت طريقتنا هي قتل كتاب المقالات الناقدة، فإن جمال خاشقجي لن يكون حتى من بين قائمة بها ألف شخص... هكذا قال الأمير وهو يؤكد أن مقتل خاشقجي كان "خطأً فادحًا".