(لن نلقي السلاح.. سندافع عن البلد.. إن سلاحنا هو حقيقتنا).. بهذه الكلمات افتتح الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" اليوم الثالث للقتال، الذي افتتحته روسيا فجر الخميس ٢٤ فبراير الجاري.
لقطة من فيديو نشره الرئيس الأوكراني زيلينسكي صباح اليوم السبت ليؤكد أنه لايزال حي، ويصمم على استمرار القتال دفاعا عن كييف. |
وتخوض القوات الأوكرانية حاليا معارك ضارية على جميع الجبهات، بينما تتصاعد الضربات الجوية الروسية ، وتتحرك الدبابات والمدرعات الروسية في أنحاء عدة من أوكرانيا ، وترتفع أعداد الضحايا في اليوم الثالث من الغزو الذي أصبح واضحا للعيان أن الهدف منه هو الاطاحة بالحكومة الأوكرانية الموالية للغرب.
معركة الأوكرانيين:
هي معركة الأوكرانيين للدفاع عن عاصمتهم التي تحولت إلي منطقة قتال منذ اليوم الأول للغزو، لكن حدته تتصاعد ساعة تلو الأخرى.
الرئيس زيلينسكي تطارده الشائعات وهو يطاردها، ظهر بالأمس في فيديو مصور في شوارع كييف لينفي أن يكون قد غادرها، وخرج اليوم ليحذر من كذب تقارير تداولت خبرا يفيد بمقتله.
زيلينسكي ظهر في فيديو جديد صباح السبت من شوارع كييف، معلنا التحدي واستمرار المقاومة، مطمئنا المدافعين عن كييف أن هناك المزيد من الأسلحة لدعمهم في الطريق إليهم.
وعلى الأرض، يقاتل الجنود الأوكرانيين دفاعا عن كييف وسط قتال شوارع وانفجارات، ومن غير الواضح بشكل تام ما إذا كانت القوات الروسية تحقق تقدما ولو بطيئا داخل كييف، ام انها عاجزة تماما عن التقدم أمام الدفاعات الأوكرانية.
كما قال مسؤولون أوكرانيون إن جماعات روسية مخربة كانت تحاول العمل في العاصمة الأوكرانية... وقد نشرت قناة (روسيا اليوم) تقريرا قد يتماشي مع هذا المعني، ويظهر تبادل إطلاق النار بين مجموعات غير معروفة في العاصمة الأوكرانية كييف.
الحرب الإعلامية:
تتعرض العاصمة الأوكرانية كييف لهجوم صاروخي روسي، وانتشر اليوم على نطاق واسع صورة لصاروخ روسي اصطدم بعمارة سكنية مدنية، ما أثار الاستهجان من قصف أهداف مدنية.
لكن وزارة الدفاع الروسية نفت أن يكون الصاروخ الذي أصاب المبني السكني ناتج عن ضربة روسية، وقال مصدر بوزارة الدفاع الروسية في تصريح لروسيا اليوم، أن طبيعة الأضرار تدل على أنها ناجمة عن صاروخ مضاد للطائرات حسبما يظهر في مقطع الفيديو، بحسب المصدر الروسي.
إنها مجرد قصة واحدة في الحرب الإعلامية الدائرة حاليا بين روسيا ووسائل الإعلام الغربية، فبينما يؤكد الروس أنهم لا يقومون باستهداف مناطق مدنية، تؤكد وسائل الإعلام الغربية أن المشاهد القادمة من المدن الأوكرانية تحكي قصة مختلفة.
وذكرت المصادر الرسمية الأوكرانية أن ثلاثة أطفال كانوا من بين ضحايا الهجمات الروسية، كما حثت المدنيين في كييف على الابتعاد عن النوافذ والشرفات والبحث عن مأوي فوري.
لقطة من الفيديو الذي أظهر إصابة عمارة سكنية مرتفعة بصاروخ قالت أوكرانيا أنه روسي، بينما نفي الجيش الروسي أن يكون الصاروخ قد اطلق من طائراتها. |
وفي تصريحات لوزير بريطاني قال أن أوكرانيا في مواجهة غزو روسي وصفه بالدموي والوحشي.
جيمس هيبي، وزير القوات المسلحة البريطاني، قال إن الجيش الأوكراني يواجه صراعًا طويلاً مع الروس قد يستمر لأشهر، مع احتدام معركة كييف صباح يوم السبت.
حشر أوكرانيا في الزاوية:
في مقال لماكس سيدون، مدير مكتب صحيفة (فاينانشال تايمز) البريطانية الشهيرة ، اندهش الكاتب من أن الحرب التي يشنها بوتين على أوكرانيا تتعارض مع تفكير الرئيس الروسي نفسه.
الكاتب استشهد بقصة حكاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه ذات يوم، وتعود إلي فترة شبابه حينما كان يعيش وقتها في شقة في مدينة (لينينغراد) حيث اعتاد مطاردة الفئران التي تظهر فيها بالعصي.
في أحد الأيام، وجد بوتين فأرا ضخم الحجم، طارده حتى حشره في الزاوية، حينما وجد الفأر نفسه في هذه الوضعية الصعبة، قفز مهاجما وجه بوتين ثم هرب.
يقول بوتين أنه قد تعلم درسا من هذه الحادثة "لا تحشر أحدا في الزاوية".
ومع ذلك، فإن بوتين يحشر الأوكرانيين في الزاوية منذ أن أمر جيشه يوم الخميس بشن هجوما عليهم من الشمال والجنوب والشرق، وبدورهم لم يجد الأوكرانيين أمامهم أي خيار سوي نفس الاختيار الذي قام به ذلك الفأر والقفز في وجه بوتين، الأوكرانيين سيقفون في وجهه هذه المرة.
على أي حال، فإن قصة الفأر وبوتين، أو الأوكرانيين وبوتين حاليا، تجعل العالم كله يقف على شفير اندلاع نزاع عالمي في أي لحظة.
لقد بدأت الحرب وانتهي الأمر، فمن السهل بدايتها، لكن من الصعب جدا أن تنهيها. بوتين الذي كان ضابطا في جهاز (كي جي بي) عندما انهار الاتحاد السوفيتي، والذي كان لأوكرانيا دورا هاما في حدوثه، قرر الانتقام مما يعتبره على الدوام الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن العشرين.
دبابات روسيا اليوم شوهد بعضها وهي ترفع أعلام الاتحاد السوفيتي، إنها رسالة لا تخطأها العين، لكنها رسالة قد تقود الكوكب إلي الحرب العالمية الثالثة.
الاقتصاد العالمي:
على أي حال فإن العالم كله قد بدأ يتأثر بالحرب الروسية-الأوكرانية، ويخشي الخبراء الاقتصاديين أن الارتفاع المتصاعد لأسعار الطاقة قد يؤدي إلي أزمة اقتصادية عالمية ثانية في غضون أقل من ثلاثة سنوات.
أسعار القمح أيضا من الملفات الهامة، فأوكرانيا واحدة من عملاقة تصدير القمح لسوق الغذاء العالمي.
لقد تحطمت الآمال في تحقيق انتعاش اقتصادي عقب أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ، وبدأت المخاوف من أن تتطور الحرب لتصبح أكبر نزاع عسكري في أوروبا منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.
كما بدأت اليوم علامات واضحة لتطبيق العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا، وذلك باعتراض الإدارة البحرية الفرنسية لسفينة شحن روسية كانت تبحر في بحر المانش... وفي الجهة المقابلة بدأت الصين ترسل إشارات مفادها أنها ستساعد روسيا في تخطي الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
الإدارة البحرية الفرنسية قالت أن السفينة كانت تنقل مركبات إلى مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، وبالتحديد إلي واحدة من الشركات التي فرضت عليها عقوبات.