تحتفل قطر في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام بيومها الوطني، إنه اليوم الذي شهد توحد الشعب القطري خلف الشيخ المؤسس للدولة (جاسم بن محمد آل ثاني).
لوحة تصور منطقة البِدع (الدوحة حاليا) ، من مكتبة قطر الرقمية. |
يظل ١٨ ديسمبر من كل عام ذكرى توحيد شبه الجزيرة القطرية، وبداية انطلاقة دولة وجدت لنفسها موقعا تحت الشمس بين الأمم، وعلامة فاصلة في تاريخ قطر، لكن حول ذلك اليوم -قبله وبعده- دارت معارك واحتدم قتال في عدة معارك فاصلة في تاريخ قطر، في مسيمير، و الخنور، والوجبة.
الشيخ المؤسس:
رجل حمل على عاتقه مهمة توحيد قطر، رجل عربي أصيل، تسرى في عروقه صفات العرب من الشجاعة والكرم والمروءة، أصله كريم، فهو جاسم بن محمد بن ثاني من ذرية معضاد بن ريّس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب من الوهبة من بني حنظلة من قبيلة بني تميم المضرية العدنانية.
فهذا نسب عربي شريف، يتقابل مع نسب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عند جده السابع عشر (مضر) الذي تنتسب إليه الكثير من قبائل العرب العدنانية.
مع حلول ١٨ ديسمبر من عام ١٨٧٨ أسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني دولة قطر التي نعرفها اليوم بشكلها الحديث، لكن الطريق لم يكن سهلا على الإطلاق.
ظروف ما قبل تأسيس قطر:
لا يمكن فصل تأسيس قطر عن العلاقة البريطانية بمنطقة الخليج العربي في ذلك الوقت، إذ كانت الإمبراطورية البريطانية تهتم كثيرا بتأمين هذه المنطقة القريبة من أهم مستعمراتهم في الهند، بخلاف تأمين التواجد البريطاني في تلك المنطقة ومنافسة التواجد العثماني فيها، وبالطبع تأمين حركة سفن شركة (الهند البريطانية) أهم شركاتهم على الإطلاق.
لم تكن قطر ضمن ما عرف حينها باسم (الإمارات المتصالحة) والتي وقعت مع البريطانيين في عام ١٨٢٠ اتفاقية سلام، ما جعلها عرضة لقصف البارجة البريطانية “فستال” في العام التالي مباشرة.
لكن الأهم من القصف البحري البريطاني، ما مثله انفراد قطر بعدم التوقيع على المعاهدة مع شركة الهند البريطانية، ما جعلها تعتبر كيانا منفصلا عن بقية الإمارات الأخرى، وربما كان ذلك تعبيرا عن استقلال هذه البقعة من الأرض حتى قبل تأسيس الدولة بشكل رسمي.
الحدث الثاني الذي يؤكد وجهة النظر القائلة بتميز واستقلال قطر وشعور أهلها أنها كيان مستقل، هو ما حدث في العام ١٨٥١.
في تلك السنة تعرضت قطر للغزو من ناحية مسيمير، وكانت تلك المعركة حدثا فاصلا أكد كيان قطر المستقل، ومهد الطريق لحلم إقامة الدولة.
نتائج معركة مسيمير:
كان انتصار أهل قطر في معركة مسيمير عام ١٨٥١ له العديد من النتائج الهامة سواء على الصعيد الجيوسياسي والتاريخي.
- أولا: تأكد شعور أهل قطر باستقلالهم، وبقدرتهم على الدفاع عن أنفسهم وعن الأرض التي يعيشون عليها.
- ثانيا: تأكد أن لهذه الأرض (قطر) ، ولهذا الشعب (القطريين) ، زعامة تقودهم حين تحين النوازل، وتمثل ذلك في الشيخ محمد بن ثاني.
- ثالثا: وحد الشيخ محمد بن ثاني القطريين تحت علم واحد سمي بالأدعم، وتميز بلونه الأحمر الأرجواني، ووضع اسم (قطر) عليه، ما اعتبر أحد أهم رموز قطر في مرحلة ما قبل تأسيس الدولة.
في معركة مسيمير عام ١٨٥١ ظهر الأدعم، علم قطر بلونه الأحمر الأرجواني المميز. |
ومن معركة مسيمير فصاعدا، تأكد الوجود القطري المستقل عن الكيانات السياسية المحيطة به، لذا كان مسألة إقامة الدولة تبدو وكأنها مسألة وقت فحسب.
في معركة مسيمير أيضا، ظهر شاب كان في منتصف العشرينيات من عمره، اسمه جاسم بن محمد آل ثاني، كقائد عسكري يساند والده ويدعمه، وكلهم جميعا تحت راية الأدعم، وفي ذات الوقت بدأ الشيخ جاسم بجانب عمله كسياسي وعسكري في التجارة، والعمل في القضاء والافتاء، وبدأ اسمه يلمع كأنجب أبناء الشيخ محمد آل ثاني، وفي نفسه يكبر الحلم يوما بعد يوم، أن تصير قطر دولة مستقلة.
لكن الأمر لم يكن سهلا على الاطلاق، في ظل منافسة العملاقين البريطاني والعثماني، وطموحات الجيران الإقليميين.
معركة خنور:
وهذه المعركة بالتحديد تتعدد حولها وتختلف المصادر اختلافا وتباينا شديدا.
هناك رواية المصادر القطرية ، ورواية إماراتية تقابلها (المعركة كانت بين قطر وبين إمارة أبوظبي قبل ظهور دولة الإمارات العربية المتحدة بأكثر من ٧٠ عاما)، لكن الرواية الإماراتية الحالية تعتمد بطبيعة الحال المصادر الخاصة بأبو ظبي.
تذهب الرواية الإماراتية إلى القول بأن الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني شن هجوما مفاجئ ضد واحة ليوا التابعة لأبو ظبي عام ١٨٨٩، وتصف المصادر الإماراتية الهجوم بأنه كان شديد العنف وأعمل القتل في الناس.
لكن المصادر القطرية ترجع هجوم الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني على واحة ليوا إلي الرد على ما وقع قبل ذلك بعام، وبالتحديد في صيف العام ١٨٨٨، وفي شهر رمضان من عام ١٣٠٥ه.
وفقا للرواية القطرية، قام الشيخ خليفة بن زايد بشن هجوم على البدع (الدوحة حاليا) في وقت أداء الناس لصلاة الفجر.
في ذلك الوقت كان الشيخ جاسم مقيم بالقرب من الضعاين وليس في منطقة الهجوم، فقام ابنه الشيخ على بن جاسم (لقبه الجوعان) بقيادة التصدي لهذا الهجوم، وقد قتلته القوات المهاجمة التي انسحبت وفقا للرواية القطرية بعد نهب سفن السكان القطريين وسوق واقف.
تضيف المصادر القطرية أن الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني قام بإرسال رسائل للبريطانيين يطلب منهم إما التدخل بوضع حد لهجمات حاكم أبوظبي الشيخ خليفة بن زايد، وإلا فأنه سيقوم بنفسه بالرد على ما حدث.
كما أرسل الشيخ جاسم إلى الدولة العثمانية وبالفعل أرسل له العثمانيين نحو ٥٠٠ جندي لتأمين الحماية لقطر، ويبدو أن الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني وجد في هذه الظروف الفرصة السانحة للرد على الهجوم من أبوظبي، فقام بالهجوم على قلعة خنور الواقعة بواحة ليوا في يناير / كانون الثاني ١٨٨٩.
رسالة من الشيخ جاسم للبريطانيين عن واقعة البدع التي شن فيها جيش أبو ظبي هجوما على البدع (الدوحة حاليا)، يقول القطريين أنه قد وقع وقت صلاة الفجر. |
استطاعت القوات القطرية باجتماع المصادر من قطر والإمارات على دخول القلعة، وإن كانت المصادر الإماراتية قد وصفت ما يبدو أنه فظائع ارتكبتها القوات المهاجمة.
المصادر الإماراتية تتحدث عن ما تلى ذلك من هجوم مضاد شنه الشيخ خليفة بن زايد انتهى حتى وصل الدوحة نفسها، ولم يتوقف حتى طلب القطريين الصلح.
لكننا عندما نضع المصادر جميعها بجوار بعضها، نجد أن القتال كان بين حاكم أبوظبي مدعوما من دبي وسلطنة عمان ، في حين دعم آل سعود حاكم قطر الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، وبرغم أن المعارك شهدت تفوق الظبيانيين (نسبة إلي ابوظبي) وحدوث ما يسمي في كتب التاريخ باسم (خراب الدوحة الرابع).
لكن القتال لم ينتهي، وباتفاق رعته بريطانيا والعثمانيين، انتهت حالة الحرب بين آل نهيان وآل ثاني، وانسحبت قوات أبوظبي وداعميها من قطر.
معركة خنور هي الأشهر من سلسلة معارك وقعت حينها بين قطر وأبوظبي، والتي دلت على أن الشيخ جاسم خرج بقطر للحياة من وسط محيط ملئ بالصراعات، وبرغم أن قوات أبوظبي قد تقدمت في قلب قطر، إلا إنها لم تستطع حسم المعركة لصالحها، ولم تستطيع أن تقتل أو تأسر الشيخ جاسم، والذي ظل يحكم بلاده بعد انسحاب قوات أبوظبي.
بين طودين شامخين:
بين طودين شامخين كان على الشيخ جاسم بن محمد السير.
لقد جاء للحكم خلفا لوالده الراحل في ١٨ ديسمبر ١٨٧٨ -في اليوم الذي سيعتبر على الدوام يوما وطنيا- زعيما لكل قبائل قطر، لكن الأمر لم يكن ممهدا بالورود، بل ملئ بالعوسج والعليق والأشواك والديباج.
فالعثمانيين لا يريدون لأي كيان عربي الاستقلال، والانجليز كقوة استعمارية يرغبون في مص ثروات الشعوب.
وبرغم أن الشيخ المؤسس جاسم بن محمد آل ثاني، قد نجح في توحيد قطر بقبائلها في ١٨ ديسمبر عام ١٨٧٨، إلا أن قطر كانت لا تزال تابعة للخلافة العثمانية حينذاك، ما يعني أنه وبرغم رغبة القطريين في بناء دولتهم بزعامة آل ثاني، كان عليهم أولا التخلص من هيمنة العثمانيين، الذين كانوا ينظرون للخليج ككل باعتباره أحد أهم مناطق نفوذهم خصوصا مع بدء تآكل أطراف إمبراطوريتهم.
وفي قطر كان الشيخ جاسم يتابع بعين غير راضية سياسات العثمانيين في بلاده، خصوصا أنهم لم يعاونوه ضد الانجليز الذين كانوا يتهمون القطريين بالتحرش بسفنهم، بل حاولوا أن يكونوا هم الانجليز المسلمين، أو لنقل المستعمرين المسلمين لقطر، فالمستعمر يظل مستعمرا حتى ولو كان من نفس دينك.
جلس الشيخ جاسم يتعرض لتضييق البريطانيين، وضرائب العثمانيين الباهظة التي تثقل كاهل القطريين، وتثقل كاهل حكومته كذلك، فلم يجد بدا من الاستقالة لعله يلفت نظر العثمانيين لسوء صنعهم وتدبيرهم.
ولنفهم الصورة كما هي يومئذ، فإن الدولة العثمانية لم تكن تتعامل مع قطر ككيان مستقل رغم اعتداد القطريين بأنفسهم ونجاحهم في توضيح تميزهم عن محيطهم الجغرافي، بل جعلوها من أعمال ولاية البصرة (في العراق حاليا)، ما جعل قطر بالنظارة العثمانية مجرد هامشا في ركن من أركان دولتهم المريضة التي تنتظر الموت.
وصلت استقالة الشيخ جاسم آل ثاني إلي (محمد حافظ باشا) الوالي العثماني على البصرة، والذي عندما ننظر لتعامله مع الاستقالة سنصاب بكثير من الدهشة لانعدام الأفق السياسي والدبلوماسي، بل وتضارب القرارات التي أصدرها.
ففي البداية رفض طلب الاستقالة المقدم في يناير عام ١٨٩٣، ما يعني أن والى العثمانيين ذاته كان يرغب في بقاء الشيخ جاسم حاكما على قطر، لكن الشيخ صمم على استقالته وانتقل من الدوحة إلي الضعاين، وبعد فترة انتقل إلى منطقة الوجبة، ما يجعلنا نقول أن الحالة النفسية للشيخ جاسم بن محمد آل ثاني تتلخص في الشعور بالضيق والسئم الظلم الواقع على الناس.
هنا قام (محمد حافظ باشا) في ١٤ فبراير ١٨٩٣ بالقدوم إلى الدوحة بحجة استعادة الأمن، وهنا يطرح المنطق سؤالا يقول فيه (كيف كان للوالى (محمد حافظ باشا) يرفض استقالة الشيخ جاسم من قبل والأمن غير مستتب!!!).
وبكثير من الهنجعية العثمانية غير المستغربة حقيقة تجاه العرب، طلب أن يحضر الشيخ إليه لمناقشته في شكاوى الانجليز ضده.. وهنا سؤال ثاني، كيف كان محمد حافظ باشا يرفض استقاله الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني ثم وفي الشهر التالي مباشرة يريد التحقيق معه بشأن شكاوى إنجليزية، بل ويبرر قدومه لقطر بأن الأمن غائب!!!.
وعلى ما يبدو فقد أحس الشيخ جاسم أن محمد حافظ باشا ما جاء إلى قطر إلا لشر يضمره، وأن كل تلك الحجج واهية، وأن ذهابه إليه بنفسه قد ينهي فكرة الدولة القطرية من الأساس، ويذهب كل أحلامها بالاستقلال.
بينما تشير بعض المصادر منها بحث بعنوان “موقف الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني من التنافس العثماني البريطاني” أعده الدكتور عبدالقادر بن حمود القحطاني (أستاذ مشارك) في كلية الآداب والعلوم- جامعة قطر لندوة المؤسس، بمناسبة احتفالات اليوم الوطني لقطر عام ٢٠٠٨، أن صحة الشيخ جاسم كانت متوعكة في تلك الفترة، فأناب عنه وفدا من ١٧ شخصا من كبار أهل قطر، على رأسهم أخيه الشيخ أحمد بن محمد آل ثاني.
معركة الوجبة:
ما كان من عجرفة والى العثمانيين إلا أن اعتقل الوفد القطري، بدلا من أن يفاوضه، ثم صعد الصراع بشكل سريع، إذ بدأ في تجهيز قوة عثمانية كبيرة قادها في ١٣ مارس ١٨٩٣ في محاولة منه للقبض على الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني.
قلعة الوجبة في قطر. |
لكن الشيخ جاسم لم يكن غافلا عن استعدادات العثمانيين، التي رصدتها عيون القطريين، ليبدأ استعداد رجال قطر للتصدي للعثمانيين القادمين ليقبضوا على شيوخهم، قاصدين بذلك هدم الروح القطرية، ونسف أي احساس للقطريين بأن لهم أي حق، بقوة مدافع الدولة العثمانية، فالعثمانيين في بلاد العرب كثيرا ما كانوا يرون القوة دوما فوق العدل.
برغم ذلك، جهز القطريين أنفسهم لحرب غير متكافئة ظهرت فيها مجددا العبقرية العسكرية للشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، وشجاعة رجال قطر من جميع القبائل.
كان الشيخ جاسم يدرك جيدا أنه برغم بسالة أبناء قطر فإن تسليحهم وذخيرتهم وتدريبهم وخبرتهم العسكرية وعددهم، كل تلك العوامل لا تسمح بخوض حرب جيشين متقابلين ضد العثمانيين.
لذا كان تكتيك المعركة هو أسلوب الكمائن، على الطريق المؤدي إلي الوجبة، بدلا من المواجهة المباشرة، وهو أسلوب عسكري كان جديدا على الخليجيين عموما والقطريين خصوصا، وكان مفاجئ أكثر للعثمانيين الذين ظنوا أن طريقهم نحو الدوحة يستغرق نفس المدة التي يحتاجها قائد جيشهم يوسف أفندي لاحتساء قدحا من القهوة التركية.
وعندما أشرقت شمس الثالث عشر من مارس ١٨٩٣ على قطر، كانت القوات العثمانية في طريقها لتصبح هي نفسها وجبة للقطريين الذين اختاروا الدفاع عن دولتهم وعن كرامتهم وعن شيخهم المؤسس.
استمرت المعركة من العاشرة صباحا حتى الخامسة مساء، وسقط فيها من قوات العثمانيين الكثير، وكان على رأس القتلى منهم (يوسف أفندي) قائد القوة العسكرية العثمانية المهاجمة نفسه.
كانت معركة الوجبة بمثابة مرحلة فاصلة جديدة في تاريخ قيام دولة قطر.
فلقد أثبت القطريين تحت قيادة آل ثاني مجددا أنهم قادرين على الزود عن بلادهم، وأن انتصارهم في مسيمير ضد غازي إقليمي، لم يكن صدفة، بل أكده انتصار على جيش من جيوش الدولة العثمانية ذاتها.
فتحت معركة الوجبة في مارس ١٨٩٣ الطريق أمام القطريين ليؤمنوا أكثر بأنفسهم، وبأن استقلالهم ليس حلما لا يمكن تحقيقه.
داخليا:
كان من المهم صد أي محاولة للسيطرة على قطر، تلك هي المهمة الأولى ربما في ذلك التوقيت.
لكن الدولة لا تقوم بانتصار عسكري هنا أو هناك، فهي مكونة من عدة عناصر منها الإقليم (أي أرض الدولة) والشعب.
ولما كان الإقليم موجودا.. نظر الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني إلى شعبه وجده ينقصه الكثير.
وحدة الصف، فالقبائل القطرية يومئذ متناثرة لا كلمة واحدة تجمعها، لذا كان ظهور راية الأدعم عليها اسم قطر، في عهد والده الشيخ محمد، حجر أساس في توحيد الصف القطري خلف آل ثاني.
الشؤون المالية، كان العثمانيين يركزون وقتها على أخذ الضرائب لخزائن دولتهم، لا لكي ينفقوا بها على أهل قطر الذين دفعوها، ما جعل الشيخ جاسم يؤسس بيت المال القطري للانفاق على القطريين، معتمدا أساسا على رواج تجارة اللؤلؤ في تلك الفترة، وبدأ القطريين يرون مرافق تنشأ لخدمتهم.
ولمواجهة حالة الأمية المتفشية في ذلك الوقت، والناتجة أساسا عن اهمال العثمانيين للتعليم في بلاد العرب عموما، وليس قطر فحسب، أسس الشيخ جاسم الكتاتيب التي علمت الأطفال القراءة والكتابة والحساب، وقبل كل ذلك ومعه "القرآن الكريم".
وفي ذات المجال، اشترى الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني العديد من أمهات الكتب من مصر والهند، وهي خطوة أساسية في كل حركات الإصلاح والتعليم تاريخيا، إستيراد العلم أو ما يعرف حديثا باسم How Know، مع ملاحظة أنه لم يكن من الممكن وقتها استيراد علوم طبيعية كالطب أو الهندسة أو التصنيع، لظروف النشأة الصعبة للدولة.
وبعد عمر طويل أفناه كله من أجل قطر وأهلها، توفي الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني إلي رحمة مولاه في ١٧ يوليو عام ١٩١٣، ليتولى من بعده ابنه الشيخ عبد ﷲ بن جاسم آل ثاني.