أوميكرون.. أوميكرون.. أوميكرون.. هذا الاسم الذي سيطر منذ أيام خلت على جميع وسائل الإعلام في كافة أرجاء العالم، إنه المتحور الجديد من فيروس كورونا المستجد COVID-19.
المتحور الجديد من كورونا حمل اسم أوميكرون، Freie kommerzielle Nutzung Kein Bildnachweis nötig. |
فزع شديد من هذا المتحور بالذات، دول تغلق حدودها، ودول تعلن عن إجراءات مشددة، والأجواء معبئة بالخوف، وتذكرنا بتلك الأيام التى ظهر فيها كورونا لأول مرة منذ أقل بقليل من عامين.
المتحور أوميكرون:
بتاريخ السادس والعشرين من نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١ ، صنفت منظمة الصحة العالمية WHO المتحور B.1.1.529 كمتحور مثير للقلق، ومنحته اسم أوميكرون Omicron، إنه الحرف الخامس عشر من حروف اللغة اليونانية القديمة، كان ذلك بعد يومين فحسب من أول إبلاغ للمنظمة عن المتحور الجديد وصلها من جنوب أفريقيا.
اعتادت منظمة الصحة العالمية استخدام اليونانية القديمة في تسمية المتحورات الجديدة من فيروس كورونا المستجد COVID-19 SARS-CoV-2، بسبب انتشار وتنوع وتجدد تلك السلالات.
كان هناك تخوف من أن استخدام الأسماء العلمية لهذه السلالات سيصعب من الصعب نطقها، بل من الممكن أن يتسبب في ابلاغات خاطئة عن السلالة، ويمكنكم من هذا الرابط معرفة أسماء أهم متحورات فيروس كورونا المستجد COVID-19 SARS-CoV-2 وأهم المعلومات عن كل واحد منها.
لكن الملفت بخصوص المتحور أوميكرون Omicron، هو أن منظمة الصحة العالمية WHO وفي غضون نحو ٤٨ ساعة اعتبرته متحور مثير للقلق.
المنظمة عبرت بشكل صريح عن الأسباب خلف هذا القرار السريع، بأن الفريق الاستشاري التقني المعني بتطور فيروس كورونا، رصد عدد كبير من الطفرات في المتحور الجديد أوميكرون Omicron، بعضها مثير للقلق، منها طفرات جعلته أكثر سهولة في الانتشار من شخص إلي شخص آخر، كما أصبح يسبب مرضا أكثر شدة من ذي قبل.
يخشي العلماء أيضا أن السلالة الجديدة أوميكرون Omicron، يمكن أن يكون لديها مقاومة أعلى للقاحات المضادة لكورونا المتوافرة حاليا.
سباق:
كعداء أوليمبي شديد السرعة، بدأت السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد COVID-19 SARS-CoV-2 ، تنتشر في العديد من الدول، أسرع كثيرا مما فعلت النسخة الام للفيروس التي اكتشفتها الصين في ديسمبر ٢٠١٩، ما دق ناقوس خطر عالمي.
على الجانب الآخر من النهر، دخل العلماء حول العالم السباق محاولين الحصول على إجابات وافية عن هذا الوافد الجديد الذي يتصرف بعصبية شديدة.
في الوقت الحالي فإن السؤال الأكثر أهمية هو (هل تستطيع اللقاحات التصدي للمتحور أوميكرون Omicron؟)..
أهم الأشياء التي تشغل بال العلماء حاليا ويريدون معرفتها بأسرع صورة ممكنة، هي إجابة دقيقة عن سؤال مفاده هل تستطيع اللقاحات التي نستخدمها حاليا في توفير مناعة مناسبة ضد الإصابة بهذا المتحور الجديد؟.
طبيب يقوم بإعطاء لقاح كورونا لأحد الأشخاص، © 2015 Christian Emmer، (CC BY-NC 4.0). |
خطورة الأمر أن يكون المتحور الجديد أوميكرون Omicron قد طور نفسه للتصدي للقاحات المتوفرة، تشبه صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية الشهيرة ذلك الاحتمال بانطلاق وحش فرانكنشتاين، في إشارة لقصة الروائية ماري شيلي، والتي تصنف كأول رواية خيال علمي حقيقية، وتتحدث عن عالم شاب قام بتحرير وحش صنعه دون قصد منه، وسيكون عليه مسؤولية مواجهته.
باستثناء بسيط وهو أن العلماء لم يطلقوا هذا المتحور، وإنما عدل الفيروس شفرته الجينية بنفسه، باستثناء ذلك فالتشبيه الأدبي هنا مماثل كثيرا للواقع، إذ سيكون على العلماء رحلة طويلة من البحث لتطوير لقاح جديد يستطيع التصدي لأوميكرون، في مشهد قد يعيدنا إلي نقطة الصفر في الحرب ضد كورونا.
شركات مثل فايزر Pfizer-BioNTech و موديرنا Moderna، يستعدان حاليا لاحتمالية تطوير لقاحاتها التي تصنفها بعض الجهات أنها أفضل لقاحات موجودة حاليا لتصبح قادرة على القتال في يوم جديد ضد المتحور أوميكرون.
طفرة بروتين سبايك:
عدد كبير من الطفرات التي ظهرت على السلالة الجديدة أوميكرون Omicron تركزت أساسا على البروتين الشوكي للفيروس spike protein، هذا البروتين بالذات هو الهدف الأساسي لمعظم أنواع اللقاحات وحتى الأكثر تقدما تكنولوجيا منها، وهو أخطر مكونات الفيروس، وهذا هو أيضا السبب الأساسي المثير للقلق.
بروتين سبايك spike protein، يوجد أصلا على سطح فيروس كورونا المستجد، ويتخذ شكل نتوءات شوكية تمنح الفيروس شكله التاجي المعروف عنه.
مهمة بروتين سبايك Spike protein هي غزو الجسم البشري، اذ يستخدمه الفيروس للالتصاق بالخلايا البشرية، فبدونه لن يستطيع الفيروس دخول الجسم من الأصل.
لكن خطورة هذا البروتين لا تتوقف عند حد كونه مفتاح دخول الفيروس لجسم الإنسان، ففي دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية هذا العام ٢٠٢١، قام الباحثون بإجراء تجارب علي الحيوانات باستخدام بروتين سبايك فقط بعدما فصلوه عن فيروس كورونا.
كانت النتيجة أن اصيبت الحيوانات بتلف في الرئتين والشرايين، كان ذلك اثباتا أن بروتين سبايك كفيل بمفرده أن يصيب الجسم بأمراض خطيرة بدون حتى أن ينقل فيروس كورونا للجسم، ويمكنكم عبر هذا الرابط الإطلاع بصورة أكبر على طبيعة هذا البروتين.
المعهد الوطني للصحة العامة في هولندا أكد كذلك وجود ما سماه (أمر غير طبيعي) حدث في بروتين الأشواك المحيطة بالفيروس بالنسبة للسلالة الجديدة أوميكرون Omicron.
لذا يكفينا أن نتخيل مدى خطورة قيام الفيروس بعمل تحورات عديدة في هذه المنطقة بالذات، وهي الأكثر شراسة في المطلق.
الكمامة ضد أوميكرون:
تظل الكمامة سلاحا فعالا في الكفاح البشري ضد فيروس كورونا المستجد ، Mike Moloney، stocksnap. |
مجلة ساينس فوكس Science Focus العلمية التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أجابت عن سؤال هام قد يدور في بال الكثيرون، وهو هل تفيد الكمامات وأغطية الوجه في الوقاية من سلالة أوميكرون Omicron؟.
للإجابة عن هذا السؤال، التقت المجلة مع الدكتور جوليان تانغ، عالم الفيروسات الإكلينيكي في جامعة ليستر، والذي قال: "لقد مررنا بكل هذا من قبل مع المتحور ألفا و المتحور دلتا".
مضيفا: "لكن الاختلاف الرئيسي هو أن الأدلة العلمية على فعالية الأقنعة والتباعد الاجتماعي قد زادت، وهناك قناعة أكبر الآن بين العلماء بأن هذه الإجراءات تعمل على الحد من انتشار الفيروس".
هذا أيضا ما توصي به منظمة الصحة العالمية WHO التي ذكرت في بيانها بشأن المتحور أوميكرون Omicron بضرورة إتخاذ التدابير التي تحد من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد COVID-19 بشكل عام ومنها التدابير الاجتماعية المثبتة مثل ارتداء الكمامة، ونظافة اليدين، والتباعد الجسدي، وتحسين التهوية في الأماكن المغلقة، وتجنب الأماكن المكتظة وأخذ اللقاح.
على نفس الخط، نصحت الحكومة الاسكتلندية بمضاعفة الجهود لاتباع القواعد الأساسية التي خدمتنا طوال فترة الوباء، وهي ارتداء غطاء للوجه في وسائل النقل العام، وداخل المتاجر، وفتح النوافذ في حالة وجود ضيوف بمنزلك، الاستمرار في غسيل اليدين بشكل كامل، العمل من المنزل لمن هم قادرين على ذلك.
بيانات من جنوب أفريقيا:
قد يكون من المستغرب أن أوائل من اكتشفوا الفيروس وتعاملوا معه، وهم الأطباء الجنوب أفريقيين، تحدثت واحدة منهم إلي وكالة رويترز للأنباء ووصفت أعراض المتحور أوميكرون Omicron بأنها "بسيطة للغاية".
الطبيبة أنجليك كويتزي قالت أن المتحور الجديد (يمكن علاجه في المنزل).
الطبيبة أنجليك كويتزي هي رئيسة الجمعية الطبية في جنوب أفريقيا، وهي أيضا أول من حذر العالم من السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد COVID-19، قالت لرويترز إن سبعة من المرضي المصابين بمتحور أوميكرون فحصتهم في عيادتها الخاصة، لكن أعراضهم كانت (طفيفة للغاية).
يتطابق حديث الطبيبة الجنوب أفريقية مع عدد من التقارير التي وصفت أعراض أوميكرون بالطفيفة، لكن هذه التقارير ربطت كون الأعراض خفيفة بأن المرضي كانوا محصنين بجرعة كاملة من اللقاح، وعدد منهم كان قد حصل على الجرعة الثالثة المعززة، ما وفر لهم دفاعات جيدة ضد المتحور الجديد، بينما عاني غير الملقحين منه بشدة، وشهدت المستشفيات في جنوب أفريقيا دخول أعداد كبيرة من الشباب إليها بأعراض حادة، كانوا جميعا غير محصنين أو حاصلين على جرعة واحدة فقط من اللقاح.
اكتشاف أوميكرون:
كما تعلم البشر، فإن فيروس كورونا يمكن تشخيص إصابة الشخص به إما عن طريق أشعة الصدر، أو عن طريق مسحات من اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل التي تعرف اختصارا PCR، والتي يتم إرسالها إلى المختبر لتحليلها.
منظمة الصحة العالمية أعلنت أن اختبارات بي سي آر PCR فعالة في الكشف عن المتحور الجديد أوميكرون.
ردود فعل دولية:
النتؤات على جسم الفيروس تشبه الأشواك، هي عبارة عن بروتين سبايك، ٱخطر أجزاء الفيروس، والمكان ذاته الذي حدثت فيه أهم الطفرات في سلالة أوميكرون، CC licence 4.0. |
ما أكسب السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد هذا الاهتمام هو ردود الفعل الدولية الواسعة تجاهه، ما أشعر الناس العاديين بأن هناك متحورا جديدا وخطيرا وصل إلي الساحة.
الرئيس الأمريكي جو بايدن قال في بيان نشره البيت الأبيض في ٢٦ نوفمبر الماضي أن الأخبار حول المتحور أوميكرون Omicron يجب أن توضح للعالم أكثر من أي وقت مضى أن هذا الوباء لن ينتهي إلا إذا تمت عملية التلقيح ضد الفيروس على مستوس العالم.
جو بايدن تابع في بيانه أن بلاده الولايات المتحدة تبرعت بالفعل بلقاحات أكثر من جميع الدول الأخرى المصنعة للقاح مجتمعة، مضيفا أنه قد حان الوقت لكي تضاهي الدول الأخرى ما سماه (سرعة أمريكا وكرمها) ، داعيا الدول التي ستجتمع للاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية بالتنازل عن حماية الملكية الفكرية للقاحات COVID ، بحيث يمكن تصنيع هذه اللقاحات على مستوى العالم، قائلا أنه دعي لهذا في شهر أبريل الماضي، وجاء المتحور أوميكرون ليؤكد أهمية ذلك التحرك.
الدكتور أنتوني فاوتشي، عضو فريق العمل في البيت الأبيض قال إنه يجب على الأمريكيين أن يكونوا مستعدين لمحاربة انتشار المرض.
المملكة المتحدة أيضا فرضت قيودا جديدا على السفر لمحاولة وقف انتشار سلالة أوميكرون Omicron، من بينها كون القادمين إلى أراضيها من المطعمين بالكامل، على أن يقوموا بالخضوع لاختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR، في غضون يومين من الوصول، مع الإلتزام بالعزل الذاتي حتى ظهور نتيجة سلبية للفحص.
كما أعلنت إسرائيل منع دخول الأجانب إليها لمدة أسبوعين، ومنعت المغرب وصول القادمين إليها من الخارج.
وفي اليوم الأخير من نوفمبر أعلنت هولندا أن المتحور الجديد كان موجودا في هولندا في وقت أبكر حتى من ظهوره في جنوب أفريقيا التي أشير إليها بأصابع الاتهام في البداية.
كل ذلك آثار مخاوف عالمية من قلب الانفتاح الاقتصادي الذي حدث بعد إغلاق متفاوت المدة بحسب كل دولة شهده العالم خلال بداية الجائحة، يخشي الاقتصاديين إذن وقوع المزيد من الضرر على قطاعات تأثرت بشدة مثل الطيران والسياحة وسلاسل التوريد العالمية.
نظرية المؤامرة:
كالعادة، ومع اكتشاف أي مرض جديد، أو أي تحور في فيروس معروف، أو حتى طرح لقاح أو علاج مضاد له، يظهر أنصار نظرية المؤامرة، مستندين في العادة إلي أشياء قديمة محاولين ربطها بهذه التطورات.
وبغض النظر عن صحة هذه المواقف من عدمها، فهذه المرة وجد أنصار نظرية المؤامرة ضالتهم في فيلم إيطالي من إنتاج الستينيات حمل نفس الاسم Omicron.
لاحظنا في المعرفة للدراسات وجود قصص وسيناريوهات غير حقيقية ومختلفة عن قصة الفيلم الأصلية، تنتشر على بعض وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة لربطها بالمتحور الجديد.
القصة الحقيقية للفيلم الذي عرض في السينما في شتاء العام ١٩٦٤، تختلف عن موضوع السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد COVID-19 SARS-CoV-2 ، وتتعلق بكائن فضائي يأتي لكوكب الأرض ويسرق جثة لعامل ميت كان يعمل في أحد المصانع، كما يعمل على جمع معلومات عن كوكب الأرض وسلوك الرجال فيه، لتسهيل غزو كوكبه للأرض.