علي طريقة مسلسل التشويق والإثارة الأمريكي الشهير "بريزون بريك"، نجح ستة من الأسرى الفلسطينيين في وقت مبكر من صباح اليوم الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي "شديد الحراسة" شمالي إسرائيل.
ضابط إسرائيلي ينظر بحسرة ودهشة لموقع نهاية النفق الذي استطاع منه الأسرى الستة الخروج للحرية، صورة في وقت شروق شمس اليوم، نشرتها مصلحة السجون الإسرائيلية |
ووسط حالة من الصدمة والارتباك اصابت شرطة الاحتلال، انطلقت حملة إسرائيلية للمطاردة، خصوصا نحو جنين الواقعة بالقرب من السجن.
في الواحدة والنصف:
في تمام الساعة الواحدة والنصف من صباح هذا اليوم، انطلق ستة أسرى فلسطينيين ليتنفسوا أنفاس الحرية مجددا، بعدما امضوا وقتهم خلال مدة يرجح أنها عدة أشهر، يحفرون بجد وإصرار نفق الحرية الذي انتهي بهم للخروج من سجن جلبوع، أحد أكبر سجون إسرائيل وأشدها حراسة.
ولم يشعر أي من عناصر حراسة السجن بوجود أي شيء غريب، إلي أن أبلغهم سائق إحدى سيارات الأجرة الإسرائيليين أنه قد شاهد ثلاثة أشخاص يعتقد أنهم مشبوهين، وكان ذلك عند الثانية إلا عشر دقائق صباحا تقريبا.
حالة من كل شيء:
الشرطة الإسرائيلية حاليا مصابة بما يمكن أن نطلق عليه "حالة من كل شيء"، فبغضب وسرعة واندفاع ودهشة من هول وحجم الحدث، يندفع الإسرائيليين في كل مكان يفتشون الأرض حجرا حجرا بحثا عن الأحرار الستة في شمالي إسرائيل، وكذلك داخل الضفة الغربية المحتلة.
عمليات البحث الإسرائيلية لا تقتصر علي البحث من عناصر الشرطة علي الأرض، إذ تم الدفع كذلك بأعداد من الطائرات المروحية، والطائرات دون طيار UAV، لاقتفاء أثر الأسرى الذين حرروا أنفسهم بأنفسهم.
علاوة علي ذلك، قامت الشرطة الإسرائيلية كذلك بنصب عشرات من الحواجز الأمنية علي الطرقات والسبل التي قد يستخدمها الأسرى للتحرك نحو جنين القريبة من السجن وهي في الوقت ذاته موطن الأسرى الستة، أو حتى نحو الحدود الأردنية.
وفي تصريح له لقناة "روسيا اليوم"، وصف الخبير العسكري المصري اللواء سمير راغب، قوة المنظومة الدفاعية والأمنية الإسرائيلية بالأكذوبة التي نشأت من غياب أو قلة المواجهات التي تعرضت لها، معتبرا أن حادثة الفرار تكشف افتقاد الإسرائيليين لقواعد تأمين السجون العادية حتى، فما بالنا بالسجون شديدة التحصين مثل سجن جلبوع.
واستمرارا لحالة كل شيء، وخوفا من أن يكون هناك أنفاق أخرى لم يتم اكتشافها وقد يستخدمها عدد من السجناء لتكرار عملية الهروب، قامت الشرطة الإسرائيلية بما يشبه حالة إخلاء جماعية لأربع مائة أسير فلسطيني من سجن جلبوع، ونقلهم وتوزيعهم علي عدد من السجون الإسرائيلية الأخرى عبر استقدامها حافلات مخصصة لنقل الأسرى.
جهود البحث من الشرطة الإسرائيلية انضم إليها عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعلق وزير الدفاع الإسرائيلي "بيني غانتس" علي الحادث بقوله "إن ما وقع خطير، ويلزم جميع الأجهزة الامنية بالتحرك".
من هم:
الأسرى الستة الذين هزموا منظومة الأمن في واحدة من أقوى السجون الإسرائيلية اليوم |
التقارير الصحفية وهيئة الأسرى، أشارت إلي إن خمسة من الأسرى ينتمون الى حركة الجهاد الاسلامي، بينما السادس هو زكريا الزبيدي، أحد أيقونات الكفاح الفلسطيني والملقب بقط الشوارع الذي كان قياديا سابقا في كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري التابع لحركة فتح، وكانوا جميعا محتجزين في زنزانة واحدة.
بقية الأسرى هم محمود العارضة ومعتقل منذ عام ١٩٩٦، ومحمد العارضة معتقل منذ عام ٢٠٠٢، ويعقوب قادري معتقل منذ عام ٢٠٠٣، وأيهم كححجي، ومناضل نقيمات.
وكأن المناضلين في كل زمان ومكان من عالمنا العربي يتسمون بنفس الصفات، فكما قال الزعيم المصري "مصطفي كامل" والذي كافح الاحتلال الانجليزي لمصر (لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس)، تم الإعلان أن أحد الأسرى الفارين اليوم كان قد سبق له محاولة الفرار بنفس الطريقة من قبل ولكن لم يكتب له النجاح.
معظم الأسرى الذين نجحوا اليوم في هروبهم الجرئ، يقضون أحكاما صادرة ضدهم من المحاكم الإسرائيلية بالسجن المؤبد (مدى الحياة).