في نكبة عربية جديدة قديمة، أعلنت الجزائر يوم أمس الثلاثاء قطع علاقاتها مع جارتها المملكة المغربية.
وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، licensed under the Creative Commons Attribution 2.0 Generic license |
وقد بررت الجزائر قرارها بأنه نتيجة لما اسمته "أفعال عدائية متواصلة" تقوم بها المغرب تجاهها. وقد عددت بعض تلك الأعمال ومنها التجسس علي مسؤولين جزائريين، ودعم انفصاليين، بالإضافة إلي التورط في سلسلة من الحرائق الشاسعة التي شهدتها الجزائر مؤخرا.
نظام إسرائيلي:
وزير الخارجية الجزائري "رمطان لعمامرة" وفي معرض إعلانه عن القرار اتهم الرباط بأنها استخدمت نظام "بيغاسوس" الإسرائيلي، وهو نظام تجسس كان جزءا من فضيحة عالمية مؤخرا، بسبب اكتشاف تورط عدد من الحكومات في استخدامه ضد معارضين لها أو حكومات دول أخرى.
وإن كانت المغرب قد نفت في وقت سابق علاقتها بنظام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي للتجسس.
لعمامرة أضاف أيضا في المؤتمر الصحفي الذي عقده بالمركز الدولي للمؤتمرات في العاصمة الجزائر، أن خطوة قطع العلاقات لن تشكل ضررا لا علي المواطنين الجزائريين أو المغاربة المتواجدين في كلا البلدين. وأن البعثات القنصلية ستظل تواصل عملها.
وقال لعمامرة: "قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية ابتداء من اليوم (الثلاثاء)"... مضيفا أن بلاده ترفض سياسة الأمر الواقع والسياسات أحادية الجانب التي تنتهجها المغرب.
بعد تاريخي:
لكن تصريحات رأس الدبلوماسية الجزائرية بينت أن في خلفية القرار الجزائري بعدا تاريخيا يمتد حتى العام ١٩٦٣، وهو العام الذي شهد حربا بين البلدين علي خلفية النزاع حول منطقة الصحراء الغربية، والتي تتمسك المملكة بتبعتيها للتراب المغربي، بينما أيدت الجزائر استقلالها ودعمت العمليات العسكرية التي قامت بها جبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووداي الذهب).
فبحسب الوزير الجزائري لم تتوقف المغرب يوما منذ ذلك التاريخ عن ما سماها الأعمال العدائية والدنيئة ضد الجزائر، وأن بلاده لن تسمح باستمرار وضع غير اعتيادي في المنطقة.
كما تجدر الإشارة إلي أن الحدود بين البلدين مغلقة منذ نحو ثلاثة عقود، وبالتحديد منذ العام ١٩٩٤.
القرار الذي وصفه البعض بالغموض، أتي في أعقاب قرار سابق بسحب السفير الجزائري من المغرب. وإعلان جبهة البوليساريو في نوفمبر من العام الماضي ٢٠٢٠ أنها انهت اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع المغرب عام ١٩٩١ برعاية الأمم المتحدة.
وفي الاسبوع الفائت، أعلنت الجزائر أن الحرائق الواسعة النطاق التي شهدتها خلال الأسابيع الأخيرة، كانت بفعل جماعات إرهابية، وأن إحدى هذه الجماعات مدعومة من المغرب.
في الإعلان عن قرار قطع العلاقات أيضا أشار وزير الخارجية الجزائري لتصريحات المندوب المغربي الدائم للأمم المتحدة، والتي وصفها بالتعدي علي السيادة الجزائرية لحديثه عن دعم استقلال منطقة القبائل عن الجزائر، وأن الجزائر قد طلبت توضيحا رسميا من المغرب منذ ١٦ يوليو/ تموز الماضي، دون أن تتلقي أي رد مغربي عن هل هذا الكلام يخص هذا الدبلوماسي كشخص ام أنها سياسة رسمية للمملكة المغربية، وأن عدم الرد المغربي عجل باتخاذ قرار قطع العلاقات.
الرد المغربي:
من جانبها، ردت العاصمة المغربية الرباط علي القرار الجزائري.
الملك المغربي محمد السادس بن الحسن، UN Climate Change, Flickr, licensed under the Creative Commons Attribution 2.0 Generic license |
المملكة المغربية أبدت أسفها لهذا القرار، ووصفت الخطوة الجزائرية بأنها "غير مبررة". وعقبت علي الاتهامات الجزائرية برفضها بشكل قاطع المبررات الزائفة بل العبثية التي انبنى عليها هذا القرار، علي حد وصف بيان وزارة الخارجية المغربية.
وأضاف البيان المغربي، أنه وبرغم هذا، فلقد كانت المغرب تتوقع اقدام الجزائر علي هذا القرار بالنظر إلي منطق التصعيد الذي تقوم به الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة بحسب البيان المغربي.
رئيس الوزراء المغربي "سعد الدين العثماني" علق علي القرار الجزائري بأنه "يأسف جدا لهذا التطور"، وأشار إلي أن الخطاب الملكي المغربي كان يمد يديه للتعاون والأخوة مع الجزائر، وأعرب عن أمله في تجاوز هذا الوضع في وقت قريب.
هذا، وقد أعربت المملكة العربية السعودية اليوم عن أسفها مما آلت إليه الأوضاع بين الجزائر والمغرب، ودعت الدولتين لتغليب الحوار والحلول الدبلوماسية لتخفيف الخلافات بين البلدين.
وقد نشرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (و أ س) دعوة المملكة للبلدين لفتح صفحة جديدة بين البلدين بما يعود بالنفع علي الشعبين.
كما دعا الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الثلاثاء، الجزائر والمغرب إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد، واصفا الدولتين بأنهما دولتين رئيسيتان في منظومة العمل العربي المشتركة.
كما أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن أسفها للتطورات الحاصلة بين المغرب والجزائر.
منظمة التعاون الإسلامي هي أيضا دعت البلدين إلي تغليب المصالح العليا بين البلدين.