استمرارا لحالة المهزلة الكبرى التي تدور حاليا في أفغانستان تزامنا مع الانسحاب الأمريكي الكامل منها، تم الإعلان منذ قليل أن رئيس البلاد أشرف غني، قد تقدم باستقالته.
الرئيس يغادر:
الرئيس الذي سيذكره التاريخ دوما بأنه ترك شعبه ليواجه مصيره بمفرده، صورة بتاريخ ١٩ أبريل ٢٠١٥، Meghdad Madadi, tasnim news, licensed under a Creative Commons Attribution 4.0 International License |
غني اختار ترك شعبه يواجه مصيره أمام طالبان، وآثر مغادرة البلاد إلي طاجيكستان.
موقف قد يبدو متناقضا مع تصريحاته المذاعة صباح اليوم والتي قال فيها أنه وجه قوات الأمن بضمان سلامة جميع المواطنين الأفغان، وإنها مسئولية سيحرص علي تنفيذها بأفضل طريقة ممكنة، مضيفا أنه سيتم التعامل بقوة مع أي جهة تفكر في السلب أو إثارة الفوضي.
المستشار السابق للرئيس غني، طارق فرهادي، قال في تصريحات لقناة "العربية" السعودية من جنيف، أن الرئيس غني كان يعمل لمصلحة أمريكا وليس لمصلحة أفغانستان أو شعبها، وأنه غادر لأنه لو بقي في أفغانستان كان سيتم قتله، علي حد قول مستشاره السابق.
يأتي تصريح مستشار الرئيس الهارب رغم أن حركة طالبان كانت قد دعت الرئيس أشرف غني للبقاء، وللعمل معا حسبما قالت.
كذلك، فإن رئيس لجنة المصالحة "عبد ﷲ عبد ﷲ" اعتبر أن الرئيس أشرف غني قد غادر البلاد بعدما ورطها وورط شعبها في هذه الحالة، مضيفا أن الشعب سيحكم علي هذا الرئيس، وسيحاسبه ﷲ علي استهتاره بحياة المواطنين وبالأمن في كابل.
سهام النقد القاسي تواصلت ضد الرئيس أشرف غني، هذه المرة علي لسان القائم بأعمال وزير الدفاع "بسم ﷲ خان محمدي"، والذي وصف ما فعله الرئيس بأنه قيد أيديهم وراء ظهورهم، وباع الوطن، وغادر البلاد.
وعلي ما يبدو، فلم يكن الرئيس الأفغاني بمفرده هو من حزم حقائبه وغادر البلاد، فوفقا لوسائل إعلام محلية في أفغانستان، فإن رئيس البرلمان ومعه عدد من زعماء الأحزاب السياسية غادروا إلي باكستان.
سقوط كابل:
في تلك الاثناء، بدأت عناصر طالبان دخولها فعليا لأحياء وقلب العاصمة كابل، وبررت تغيير موقفها الذي أعلنت عنه منذ الصباح بأنها لا تريد دخول كابل بالقوة، بأنها اضطرت لدخول كابل لتواجه حالة الفراغ الأمني الذي سببه انسحاب قوات الأمن الأفغانية بشكل شبه كلي من العاصمة.
طالبان أضافت أنها ستمنع حالات السرقة، أو حدوث فوضي.
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال أن القوات الأفغانية لم تكن قادرة علي الدفاع عن أفغانستان، وهو تصريح يحمل الكثير من علامات التعجب، فإذا كان هذا هو التقييم الأمريكي لمستوى قوات الأمن الأفغانية... فكيف تم اتخاذ قرار بإنسحاب كلي للقوات الأمريكية، تم تنفيذ معظمه بشكل مفاجئ.
هذا، وقد حذر الوزير الامريكي طالبان من التعرض لعملية الإجلاء الأمريكية أو للأمريكيين في أفغانستان، مؤكدا أن رد بلاده في هذه الحالة سيكون حازم وسريع. وهو نفس المعني الذي أورده مسئول أمريكي منذ قليل عندما أكد أن بلاده ستواصل الدفاع عن مطار كابل، تزامنا مع الإعلان عن أن مئات موظفي السفارة الأمريكية قد تم إجلاؤهم بالفعل.
وفي ذات السياق. أرسلت فرنسا طائرتي نقل عسكريتين إلي مطار كابل لإجلاء رعاياها.
ماذا بعد:
وبينما تشارك مسؤولان رفيعي المستوى من حركة طالبان رأيهما بأن الحركة لا تتوقع إلا أن تنتقل إليها السلطة بشكل كامل. فإن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نقلت عن مسؤول أفغاني أن هناك مفاوضات مع الحركة لأختيار رئيس حكومة انتقالية مقبول من الجميع، لكنه لا يعتقد أن طالبان ستوافق علي هذا العرض.
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن،السفارة الأمريكية في نيجيريا، Public Domain Mark 1.0, Flickr. |
بينما صرح وزير الخارجية الأمريكي لقناة "إن بي سي" الأمريكية أن بلاده تدعم جهود التفاوض في العاصمة القطرية الدوحة، وأن التوصل لتسوية سلمية سيجنب الشعب الأفغاني إراقة الدماء.
ويبدو أن طالبان تحاول رسم صورة جديدة لنفسها، بتصريحات مسؤولين فيها عن حق المرأة في العمل والتعليم شريطة ارتداء الحجاب، وحرية الصحافة في انتقاد أي شخص لكن بدون تشهير، كما أعلنت أنه لن تمس كرامة أو حياة أو ممتلكات أي حد، وقدمت دعوة للمواطنين بعدم ترك منازلهم بداعي الخوف، كما أعلنت الصفح عن جميع من خدموا في القوات الحكومية.
أما نائب الرئيس الافغاني "أمر ﷲ صالح" فقد قال في تغريدة عبر حسابه الرسمي علي تويتر بأنه لن يستسلم أبدا لطالبان الإرهابية، مضيفا أنه لن يخيب ظن الملايين الذين انصتوا إليه علي حد وصفه، ولن يجلس تحت سقف واحد مع طالبان.. لكن هل يملك بالفعل الأدوات والأمكانيات التي تمكنه من مواصلة معركة اختارت أمريكا تركها وهي تجر ورائها ازيال خيبة وانكسار.