انتظر الجميع ذلك اليوم، إنه اليوم الذي ستعيد الأميرة ديانا، حتى وهي في قبرها، لم شمل ابنيها الأميران ويليام وهاري، بعد طول خصام، ومشاحنات مكتومة عرفت طريقها إلي وسائل الإعلام في جميع أرجاء الدنيا.
اجتمع الأميران مجددا في نفس المكان الذي شهد سنوات طفولتهما "قصر كينجستون" ليزيحا الستار عن تمثال أمرا بصنعه خصيصا منذ ٤ سنوات في فبراير ٢٠١٧، لإحياء ذكرى ميلاد أمهما "ديانا" الستين.. ظهرت فيه الأميرة الراحلة تضع يديها علي ثلاثة أطفال، إشارة لجهدها في دعم ورعاية الأطفال حول العالم، ذلك الجهد الإنساني الذي أحبها الناس بسببه، ونالت بها اللقب الذي اذا ذكر، تذكرها الناس ((أميرة القلوب)).
لكن وخلال تلك السنوات الأربع منذ أمر الشقيقان بصنع التمثال، جري الكثير من الماء الآسن في مجري مياه العائلة الملكية البريطانية.
في الصور:
الصور والفيديوهات التي خرجت من الحفل، اظهرت الأمور هادئة، لا يستغرب الهدوء علي أميران من أعرق العائلات الملكية في العالم، فحتى النزاع يجب أن يتم بقواعده.
لكن الصور جاء فيها ابتسامات أيضا، بدا الأمر وكأن الشقيقان سعيدان نسبيا علي الاقل بلقائهما معا مجددا.
الأميران ويليام وهاري في حدائق قصر كينغستون في حفل ازاحة الستار عن تمثال أمهما، الصورة الأصلية من ALAMY STOCK.
لكن وعلي مايبدو، كان خلف الصور أمورا لا تزال متوترة للغاية بين الأميران ويليام (٣٩ سنة) وهاري (٣٦ سنة)، من تسببا في الخلاف وسط العائلة الملكية البريطانية. لكن ويليام كان لديه داعمون.
فبحسب مصادر محيطة بالعائلة، يُنظر إلي الأمير هاري حاليا كأحد الغرباء، لقد تنازل هاري وزوجته ميغان مركل بالفعل العام الماضي عن دوره كعضو في العائلة المالكة.
في الحفل، غابت الزوجتين، "كيت مدلتون" زوجة الأمير ويليام، و "ميغان مركل" زوجة الأمير هاري. قيل إن الحفل تم تقليل عدد الحضور فيه لمراعاة الاشتراطات الصحية المتبعة في المملكة المتحدة لمواجهة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-١٩".
يري معظم متتبعي ما حدث، أن السبب الرئيسي في النزاع هي "ميغان مركل" زوجة الأمير هاري، لم تكتفي ميغان بفصل هاري عن عائلته، بل جعلته جزءا من حديث تلفزيوني شهير مع المذيعة الأبرز عالميا "أوبرا وينفري"، كسرا فيه العديد من المحرمات الملكية بالحديث عن دهاليز ما يحدث داخل القصر بين أفراد العائلة، واتهامات بأنها سمعت احاديث عنصرية عن لون بشرة ابنها الأمير آرشي.. بينما اتهمت هي بالتعالي علي موظفين القصر الذين شعروا باستياء شديد من طريقتها.
لذا، فعلي ما يبدو، وصل الأمر إلي تلك النقطة التي يجب أن تتصاعد المشاعر المكتومة داخل النفوس إلي السطح، اذا ما أراد هاري وويليام أن يحرزا تقدما في مسار علاقتهما كشقيقين.
نفس المصادر تقول أن الصور اظهرت لنا عرضا قدمه الأميران لأنهم أرادوا لليوم أن يمر بسلاسة، لكن وبمجرد انتهاء ذلك العرض، ذهب كل منهم في طريقه المنفصل عن طريق أخيه. ط
كين وارف، الذي قاد الحماية الشخصية للأميرة ديانا وأبنائها لعدة سنوات في أواخر الثمانينيات، قال: "كان التمثال فكرتهما معا وكانت جهدًا مشتركًا".
ورغم هذا الاجتماع الذي انتهي سريعا بمجرد انقضاء الحدث، لم يكن هناك فرصة للمناقشة في شيء، وظل الشعور السائد في النفوس، أن المسائل لا تزال حساسة للغاية.
خيبة أمل:
لقد مثل ما حدث "خيبة أمل" للمقربين من عائلة سبنسر الملكية التي تملك البلاد منذ قرون، فقبل الحفل ساد بعض الشعور بالتفاؤل بأن تجمع هاري وويليام لتكريم والدتهما الراحلة سيخفف من حدة الغضب في نفسيهما.
يقولون، أن لحظة الشفاء الحقيقية ما زالت بعيدة، لأن الكثيرون في العائلة يشعرون أنه يكاد يكون مستحيلا أن يضعوا ثقتهم في الأمير هاري مجددا، خصوصا مع ارتباطه الحالي بزوجته ميغان مركل.
بكل أسف، لم تكن تلك الطريقة التي تتمني الأميرة ديانا أن يتعامل بها ابنيها مع بعضهما البعض، كانت ديانا بالتأكيد سترغب في أن يستطيع ولديها أن يحتضنا خلافاتهم، وايجاد قواسم مشتركة تحافظ علي رابطة الأشقاء قوية.
وجهة نظر:
هناك وجهة نظر أخرى تتحدث عن أن الأميران في الحفل "أظهرا طريقة بناءة للتعامل مع الاختلافات بينهما". وأن هذا الأمر بحد ذاته نقطة هامة للغاية، قد تكون أساسا لعودة العلاقات طيبة ولو بعد مدة.
ستكون وجهة النظر تلك أكثر أهمية، حينما نعلم من هو قائلها.
إنه السيد "روبرت لاسي" إنه أحد أكثر الكتاب معرفة بتفاصيل القصور الملكية حول العالم، فبقلمه صدرت العديد من الكتب الكاشفة لاغوار الأسر الملكية وخصوصا العائلة الملكية البريطانية، فلديه علي سبيل المثال كتاب (التاج) والذي صدر عام ٢٠١٩، تزامنا مع عرض عملاق صناعة الأعمال الفنية "نت فليكس" لمسلسل بذات الاسم تناول قصة حياة الملكة البريطانية الحالية "إليزابيث الثانية" بين عامي ١٩٥٦ : ١٩٧٧، وصاحب كتاب (صراع الشقيقين) والذي تناول فيه كل الأحداث التي ادت لتدهور علاقة ويليام وهاري.
عربيا، فالسيد روبرت له أيضا كتاب مشهور بعنوان "المملكة من الداخل" والذي تناول فيه ما حدث في السعودية مع تحولها لدولة نفطية غنية، ويعتبر من أهم الكتب الأوروبية التي صدرت عن المملكة والعائلة السعودية الحاكمة.
يري السيد لاسي، أنه وبشكل أساسي، فهم الأميران ويليام وهاري، أهمية تنحية خلافاتهما جانبا في حفل تكريم والدتهما الراحلة الأميرة ديانا.
ويضيف: (لم يقوم الأميران بدفن خلافاتهما تحت السجادة، لكنهما أدركا واجب قيامهما بالأمور المهمة، بصورة تسعد قلوب جميع من يشاهدهما، وما قاما به من ضبط للنفس، أوضح أسلوبهم العام، سواء بشكل فردي أو أمام الناس).
ويعزز السيد لاسي رأيه بما حدث بشأن إلقاء الخطابات. فلقد تناثرت التكهنات والأقاويل قبل حفل ازاحة الستار عن التمثال، بأن الأميران سيلقي كل منهما كلمة بهذه المناسبة، لكنهما وعلي عكس التوقعات أصدرا بيانا مشتركا.
الأميران يتطلعان للتمثال، الصورة الأصلية من ALAMY STOCK.
نقرأ في جزء من ذلك البيان ما يلي:
((اليوم، في عيد ميلاد أمنا الستين، نتذكر حبها، قوتها، شخصيتها، تلك الصفات التي جعلتها قوة من أجل الخير في جميع أنحاء العالم، لتغيير حياة عدد لا حصر له من البشر نحو الأفضل.
في كل يوم، نتمني لو كانت لا تزال معنا، ونأمل أن ينظر إلي هذا التمثال كرمز لحياتها وإرثها إلي الابد)).
يري السيد روبرت لاسي، أن اصدار بيانا مشتركا، كان قرارا حكيما للغاية بدلا من إلقاء الخطابات، لقد كان مجرد تخيل إلقاء كل من الأميران كلمة، ينافس كل منهما فيه شقيقه، أمرا كارثيا، لذا فإن اصدار هذا البيان المشترك المدروس من كليهما، كان مثاليا، وترك الطريق مفتوح نحو تحسين العلاقات.
رحل سريعا:
سريعا، عاد الأمير هاري إلي كاليفورنيا، حيث يقيم حاليا مع زوجته "ميغان مركل"، عاد هاري من حيث أتي، لكن دوق ساسكس ترك المكان الذي ينتمي إليه.
بذلك، انتهي أول لقاء بين الأميران ويليام وهاري منذ أن اجتمعا من أجل جنازة ودفن جدهما الأمير فيليب في مايو الماضي. ومع عدم وضوح متي سيلتقي الأمير هاري بأقاربه في العائلة الملكية مرة أخرى، فإن المجال مفتوح لتفاقم الخلاف، أو من يدري لتهدأ النفوس.