ارتبط شهر رمضان المبارك، بالكثير والعديد من الأحداث الهامة والبارزة علي مر التاريخ، حفظها لنا المؤرخين في كتبهم، لنعرفها وندرسها علي مر الزمان .. ولهذا فإننا سنستمر طوال أيام الشهر الكريم في عرض أهم أحداث كل يوم من أيامه.
وهذه هي أهم أحداث مثل هذا اليوم "العشرين من رمضان".
فتح مكة
في العشرين من رمضان للعام الثامن الهجري، فتح الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ((مكة المكرمة))، فصدق له وعده، وكان ذلك إثر نقض قريش عهد الحديبية بعد هجومهم علي قبيلة خزاعة التي كانت في عقد النبي صلى الله عليه وسلم، فاستنصرت خزاعة بالنبي صلى الله عليه وسلم وشكوا إليه نقض قريش عهدهم.
 |
| مشهد من فيلم الرسالة، جيش المسلمين يدخل مكة فاتحا |
وكان أبو سفيان سيد قريش يومها، قد بادر بالذهاب للمدينة المنورة ليطلب تجديد العهد لكنه لم ينل مراده، وتجهز المسلمين لفتح مكة فخرج صلى الله عليه وسلم علي رأس جيش بعشرة آلاف مقاتل، وقبل أن يصل إلي مكة المكرمة خرج له الكثير من قومه من "بني هاشم" من لم يكونوا قد أسلموا بعد فأسلموا بين يديه صلى الله عليه وسلم.
كما أسلم أبو سفيان بعد طول كبر ومعاندة وحرب لهذا الدين. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقسيم الجيش إلي أربعة فرق، وأمرها جميعا ألا تقاتل، وألا تسفك دما إلا إذا أكرهت علي ذلك.
فكان الزبير بن العوام علي الجناح الأيسر من الجيش ودخل مكة من الشمال، وكان خالد بن الوليد علي الجناح الأيمن ودخل من أسفل مكة، أما سعد بن عبادة فقاد أهل المدينة المنورة ودخلوا مكة من جانبها الغربي.. لكنه وقبل دخول مكة سحب النبي صلى الله عليه وسلم منه القيادة وأعطاها لأبنه "قيس" لأن سعد بن عبادة –رضي الله عنه- قال: "اليوم يوم الملحمة ..اليوم تستحل الحرمة".
أما عبيدة بن الجراح فجعله الرسول صلي الله عليه وسلم، قائدا للمهاجرين وسار وهو صلى الله عليه وسلم بنفسه معهم ودخلوا مكة من أعلاها بمحاذاة "جبل هند".
وتم فتح مكة كاملة دون قتال إلا مناوشة بسيطة عند دخول خالد بن الوليد –رضي الله عنه- من أسفل مكة حيث كان يقيم أشد أهل مكة عداوة للإسلام ومنهم بعض من تورطوا في نقض عهد الحديبية، فلم يرضوا ما قاله أبو سفيان من دخول المسلمين بلا قتال، فلما دخل جزء الجيش الذي يقوده خالد بن الوليد ضربوهم بالنبال، لكن هذا الجزء بقيادة خالد بن الوليد لم يفقد إلا شهيدين.. بينما شتت شمل المعتدين من قريش فقتل منهم ثلاثة عشر رجلا في رواية، وثمانية وعشرين في رواية أخرى.
وقد عفا النبي صلي الله عليه علي جميع من ائتمروا به ليقتلوه، ومن عذبوه وأصحابه من قبل ذلك، ومن قاتلوه في بدر وأحد، ومن حاصروه في غزوة الخندق، عفا عنهم وجعلهم الطلقاء رغم كل ذلك العداء الذي واجهوه به.
بناء مسجد القيروان
 |
| مسجد عقبة بن نافع، ويسمي كذلك مسجد القيراون، تونس، Andrew Watson, (CC BY-SA 2.0) ,via wikimedia commons |
أيضا وفي العشرين من رمضان عام ٥١ه (وفي رواية أخرى عام 50 هـ)، الموافق للتاسع والعشرين من سبتمبر سنة ٦٧١م، تم بناء مسجد القيروان، علي يد عقبة بن نافع.. وهو قائد مسلم شارك بفتح مصر، ثم قاد فتوحات في شمال أفريقيا، خاض معارك مريرة مع قبائل البربر، واستشهد في كمين أعددته له كاهنة كانت تدين لها الكثير من قبائل البربر بالولاء.
ويعتبر مسجد «القيروان»، تحفة فنية، حيث يضم منبرًا مصنوع من الخشب، و يعتبر أقدم منبر بالعالم الإسلامي، بالإضافة لوجود أقدم مقصورة للمسجد، يعود تاريخها الى القرن الخامس الهجري، وهو الآن في دولة تونس.
وقد تم تجديد وتوسعة مسجد القيراون في ولاية الوالي الأموي، بشر بن صفوان (103 -109 هجري/722 -728).
ويعرف المسجد في يومنا هذا باسم مسجد عقبة بن نافع أو مسجد القيراون.
ميلاد سيف الدين قطز
 |
| صورة تمثال سيف الدين قطز، SoultanOmar, (CC BY-SA 3.0), via wikimedia commons. |
ولعشرين خلت من شهر رمضان ولد سيف الدين قطز، القائد الذي ستحمل الأيام له نصرا سيدون على مدار التاريخ.
فعلي انقاض الدولة الأيوبية التي انتهت بوفاة آخر سلاطينها نجم الدين أيوب وقتل ولده توران شاه، ووسط نزاعات المماليك الذين كان قد اشتراهم لتعضيد ملكه، استطاع قطز توحيد مصر والشام والمماليك المشتتين، وخاض بهم معركة عين جالوت ضد التتار الذين بدوا كقوة عسكرية لا تهزم ولن يقف أحد في طريقها للسيطرة على العالم.
انهي الانتصار المصري في عين جالوت زحف التتار المدمر الذي اباد بغداد حاضرة الخلافة العباسية، ولم تصمد أمامه الشام فاستسلمت له، ومن قبلهما ما يعرف حاليا بإيران وأذربيجان.
كما كان للتتار توسعات كبرى داخل روسيا نفسها، لكن مصر وفي نهاية المطاف ردتهم مكسورين مهزومين لأول مرة، ومن عين جالوت فصاعدا بدأ خطر التتار على بلاد العرب في النزول حتى الانتهاء تماما، بل إن بعض قبائل التتار بدأت في اعتناق الإسلام.
وللأسف الشديد، انتهت حياة السلطان قطز بمؤامرة من بعض المماليك عقب انتهاء معركة عين جالوت ورغم انتصاره بها، وتمت المؤامرة في طريقه للعودة إلي القاهرة، وبالتحديد في بلدة تسمي "القصير"، وقد خلفه في السلطنة "بيبرس" الذي وللمفارقة العجيبة كان أحد أهم أبطال وقادة عين جالوت، وأحد المتورطين في الوقت ذاته في مقتل سيف الدين قطز.
