ستصبح أستراليا أول دولة في التاريخ تحاكم مواطنيها بتهمة "العودة إليها من الخارج".
فعلي ما يبدو، لن يترك فيروس كورونا المستجد كوفيد-١٩، عجيبة من العجائب ولا مستغربا من الأمور إلا وسيتورط في صنعها، مكدرا حياة الناس، مغيرا من طبيعتها، حتى لمن لم يصيبهم منها، فإذا لم يصيبه ويمرض، فليصيبه غبار منه يغير حياته.
صالة الوصول الدولي في مطار سيدني، أستراليا، Maksym Kozlenko، (CC BY-SA 3.0) via wikimedia commons. |
ينطبق الأمر علي المواطنين الأستراليين العائدين من الهند حيث يتفشي الآن فيروس كورونا المستجد كوفيد-١٩ بشكل رهيب.
سجن وغرامات:
وعلي ما يبدو فإن المسئولين في استراليا مصابون بالهلع من وصول السلالة الجديدة التي تفتك حاليا بالهند، ولذا تفتق ذهنهم إلي حل لم تسبقهم فيه أي دولة من دول العالم، ستتم معاقبة من يجرؤ من مواطنيهم المتواجدين في الهند علي العودة للبلاد، بعدما اعتبرت الحكومة الأسترالية أن عودة مواطنيها إليها حاليا أصبح "فعلا غير قانوني" بشكل مؤقت.وقالت وزارة الصحة الاسترالية أن سبب القرار هو نسبة الأصابات المرتفعة بفيروس كورونا من المواطنين الأستراليين العائدين من الهند، وأنه متوافق مع "قانون الأمن الحيوي الاسترالي"، وفي حين تقوم الدول بإجراءات مثل اجراء إختبارات الاصابة بالفيروس والحجر الطبي لأي قادم إليها سواء كان مواطن ام لا، فإن الأستراليين أرادوا أن يوصدوا الباب تماما.
وزير الصحة الأسترالي أضاف: "قلوبنا مع شعب الهند، وجاليتنا الهندية الأسترالية.. أصدقاء وعائلات الموجودين في أستراليا يواجهون خطرا شديدًا، وللأسف يصاب كثيرون بكوفيد -١٩، ويموت كثيرون منهم كل يوم "... مؤكدا في بيان رسمي أن حكومته لا تأخذ هذه الأمور باستخفاف.
أزمة:
سيشكل هذا القرار أزمة وضغطا حقيقيا علي ما يقدر بتسعة آلاف مواطن أسترالي في الهند التي تعرف بأنها ثاني أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، وعملاق التكنولوجيا الصاعد.. لكن ينظر إليها الآن باعتبارها الدولة التي أمسك كورونا بعنقها بشدة، بعدما كانت قد صنفت لفترة باعتبارها (أمل العالم) في انتاج اللقاحات بكميات كبيرة لمصانع اللقاحات العملاقة لديها.يصنف ٦٠٠ من هؤلاء الأستراليين التسعة آلاف، أنهم مقيمون في مناطق خطرة من حيث انتشار الفيروس، وبهذا القرار تم حظر جميع الرحلات القادمة من الهند إلي استراليا، بما فيها تلك التي كانت مخصصة لعودة الأستراليين إلي أرض الوطن.
اعتراضات:
صورة تحت ميكرسكوب قوي لخلايا فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 تم عزلها من أحد المرضى، NIAID-RML، (CC BY 2.0), via wikimedia commons. |
وتقول وسائل الإعلام الأسترالية أن هذا القرار هو الأول من نوعه في تاريخ أستراليا.. وتعتقد المعرفة للدراسات أنه الأول من نوعه في التاريخ أن تقوم حكومة دولة ما بمنع مواطنيها في دولة أخرى من العودة إليها.
ومن جانبهم، أبدى عدد من المحامون الأستراليين غضبهم من هذا القرار الذي أعتبروه "سابقة غير عادية مخالفة للقانون" بحسب ما ذكرته صحيفة الجادريان البريطانية.
وتتمثل وجهة النظر الرئيسية في الاعتراضات على قرار الحكومة الفيدرالية الاسترالية، أن الحكومة بمقدورها أن تستمر في حماية الناس في أستراليا من تفشي آخر لـ COVID-19 - وأن توفر في الوقت ذاته حماية أكبر بكثير للأستراليين في الخارج -وذلك إذا عملت على إعادة المواطنين إلى الوطن مع تخصيص المزيد من الجهد والأموال والموارد لتعزيز نظام الحجر الصحي بحيث يتم حجر العائدين صحيا لفترات أطول للتأكد من خلوهم من الفيروس وعزل المرضي منهم-، وأن الحكومة بهذا القرار تريد التخلي عن واجباتها.
لاعبي المنتخب الأسترالي للكريكت، وهي اللعبة الأكثر شعبية في أستراليا، قد يكونوا هم أشهر العالقين في الهند، والتي كانوا يتواجدون بها لتمثيل بلادهم في بطولة دولية!!. وهو ما دفع أحد اللاعبين للتغريد علي تويتر متهما رئيس الوزراء الأسترالي بأن يديه ملطختان بدماء شعبه.
وعلي ما يبدو فإن هذا الرفض الشديد من مختلف فئات المجتمع الأسترالي لقرار الحكومة قد دفعها للتراجع خطوة إلي الوراء، إذ أعلنت حكومة السيد "سكوت موريسون" أن الحظر لن يستمر سوي إسبوعين فقط لينتهي في 15 مايو، وأنه بعد ذلك التاريخ ستبدأ عملية إعادة المواطنين الأستراليين مع التركيز على 900 شخص مصنفين أنهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض،
لكن مع وجود أكثر من 9000 مواطن أسترالي عالق (بما في ذلك 173 طفلاً غير مصحوبين بذويهم)، ورحلة واحدة فقط مجدولة كل 7-9 أيام ، سيستغرق إعادة الجميع إلى الوطن بعض الوقت.
يشار إلي أنه قد تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في الهند ٢٠٠ ألف الأسبوع الماضي وتقترب الإصابات من ١٩ مليونا منها نحو ثماني ملايين إصابة منذ فبراير (شباط).